نبض البلد -
واخيراً جرت انتخابات الكنيست الاسرائيلي بعد الكثير من الحشد والانقسام داخل المجتمع الاسرائيلي والكثير من التدخلات الخارجية لدعم حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو وخاصة من قبل الادراة الامريكية والتي اعتبرت هذه الانتخابات معركتها الخاصة من اجل تنفيذ صفقة القرن التي تعدها لدول المنطقة والتي كانت تتطلب نجاح نتنياهو بهذه الانتخابات . ولما كان نتنياهو يواجه اتهامات بالفساد واحتمالات توجيه اتهامات له بذلك ، والتي ادت الى انخفاض شعبيته في المجتمع الاسرائيلي ، فقد عملت هذه الادارة الامريكية المستحيل لدعمه وتقديم هدايا مجانية له ليقدمها للمجتمع الإسرائيلي المغرق في يمينيته وسعيه لتشديد سيطرته على جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة . وكانت بداية هذه الهدايا هي اعتراف ترامب بيهودية الدولة الصهيونية واعترافه بالقدس عاصمة ابدية لهذه الدولة ونقل سفارته اليها . ثم تقديم الجولان على طبق من ذهب لها ووضع هذه الهدايا بيد نتنياهو ليقدمها للناخب الاسرائيلي بأعتبار انه هو صاحب الفضل بتحقيقها . ويضاف الى ذلك ما كانت تعلنه هذه الادراة من دعم مباشر لنتنياهو .
كما قامت روسيا بتقديم هدية مهمة في نظر الشارع الإسرائيلي وقبل الانتخابات بأيام معدوة الا وهي موضوع رفات الجنود الصهاينة الذين فقدوا في معركة السلطان يعقوب في منطقة البقاع عام ١٩٨٢ حيث تم الاعلان عن ان القوات الروسية تمكنت من العثور على رفات احدهم وهو الجندي الإسرائيلي زخريا باومل في مقبرة مجهولة بمخيم اليرموك . وقد تم الاعلان عن ذلك من قبل الرئيس بوتين شخصياً وخلال زيارة نتنياهو الى موسكو مع ان ذلك كان قد تم منذ فترة من الوقت تم خلاله التأكد جينياً من ان هذه الرفات تعود للجندي المذكور ، مع وعد بأن تواصل القوات الروسية بحثها عن رفات جنديان آخران فقدا في هذه المعركة ايضاً . وقد تم تسليم رفات الجندي المذكور لنتنياهو في موسكو باحتفال مهيب كما كان نتنياهو باستقباله في تل ابيب والمشاركة في مراسم دفنه فيها في مشاهد قدمت نتنياهو للناخب الإسرائيلي بصورة البطل المنقذ حتى لرفات قتلاهم .
كما ان عدداً من الدول العربية قدمت هدايا لنتنياهو في هذا السبيل عندما اعلنت ان عدوها الوحيد والذي يمثل خطراً عليها هي ايران وليست اسرائيل وقيام البعض بمد جسور الصداقة معها . كما كان اعلان ترامب وادارتة انهم يبحثون بأمر الاعتراف بسيادة اسرائيل على الضفة الغربية او أجزاء منها هدية اخرى لنتنياهو يقدمها لناخبيه مع تصريحات منه ان حل الدولتين قد انتهى وانه لن يوافق على اي انسحاب من الضفة الغربية والتي ستبقى جميعها تحت السيطرة الإسرائيلية . وانه سوف ينسق مع اميركا بالاعتراف بألسيادة الإسرائيلية عليها او على المستوطنات التي بها .
كل هذه الهدايا كان لها تأثير كبير على الناخب الإسرائيلي وقوّت موقف نتنياهو في مواجة الحزب الجديد الذي تشكل في اسرائيل والمسمى ازرق وابيض والذي ضم ثلاثة جنرالات ممن شغلوا منصب رئيس هيئة الاركان في جيش الدفاع الإسرائيلي وعلى رأسهم بني غانتس والذي اكتسب شعبية واسعة فور تشكيله حيث رأى فيه الناخب الإسرائيلي بديلاً مقبولا عن نتنياهو وتهم الفساد التي تلاحقه وخاصة ان مواقف هذا الحزب لا تختلف كثيراً عن مواقف الليكود بشأن القضية الفلسطينية وانه هو ايضاً يرفض حل الدولتان .
الا ان الهدايا التي تلقاها نتنياهو قد اثرت في مواقف الناخبين ورفعت من شعبية نتنياهو واصبحت التوقعات بالفوز تصب في صالحه وصالح الأتتلاف الذي يمكن ان يشكله
وفعلاً وبعد الانتخابات فقد تعادل حزب نتنياهو مع حزب بني غانتس بعدد المقاعد بحصول كل واحد منهما على خمسة وثلاثين مقعداً في الكنيست الجديد . الا ان نتنياهو حصل على دعم من الاحزاب الدينية والتي تقف في اقصى اليمين المتطرف والتي حصلت على ثلاثين مقعدا . في حين حصل حزب غانتس على دعم احزاب الوسط واليسار وعددها عشرون مقعداً . مما يجعل تحالف نتنياهو يحصل على اكثر من الاغلبية المطلوبة وذلك بحصولة على خمسة وستون مقعداً وليكون بذلك رئيساً للحكومة الاسرائيلية للمرحلة المقبلة والتي وقبل اعلان فوزها اعلنت على لسان نتنياهو واركان حكومتة الحالية وحزبه عن خطوتها القادمة الا وهي ضم الضفة الغربية او المستوطنات فيها الى الدولة الاسرائيلية بالتنسيق مع الصديق والحليف الامريكي والذي سارع للأعلان عن فرحته وسعادته بالنجاح الذي حققه حليفه وصديقه نتنياهو ، وان هذا النجاح سوف يكون الطريق لتحقيق السلام في المنطقة دون ان يتطرق للفلسطينين ليكون ذلك آخر مسمار في نعش الحل السلمي وحل الدولتين .
وبعد هذا عن اي سلام يتحدثون ؟
مروان العمد