المهندس هاشم نايل المجالي
هناك علاقة بين النظام الاجتماعي وما يتفرغ عنه من نظم واهمها دور الانسان وتصوره للوجود ، ومفهومه للحياة والمنهج والسلوك الذي يجب ان يستمد منه هذا المفهوم ، وهذا التصور وهذا الدور خاصة في مجال التغيرات بالاتجاهات الفكرية لتطور وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي والتي بدأت تلعب دوراً اساسياً في وعي الشعب من نطاق المعلومة والنظرية الى نطاق الممارسة والتطبيق ، حيث ان الفكر الاجتماعي من اهم فروعه فرع المعرفة والنشاط الثقافي والسياسي والاقتصادي ، وتطور هذا الفكر مقرون ايضاً بالاحداث والمتغيرات واصبح الفرد ينادي بحقوقه من خلال حرية الفكر حيث ان العقل هو مستودع المعرفة يقارنه مع العالم الخارجي المتحضر .
وهناك من يرى ان المجتمعات اصبحت تقوم وتسير باستخدام القوة باشكالها المتعددة ، وبالتالي اصبح ميل الفرد الى الشر يفوق ميله الى الخير اي يزداد العنف والبلطجة والسلب والنهب والسلوكيات السلبية ، كذلك فان كثيراً من المسؤولين السياسيين ايضاً اصبحوا يتخلقون بأخلاق الثعالب ولا مانع لديهم من نقض الوعود والعهود والنفاق اذا كان ذلك في مصلحة أي طرف آخر على حساب معيشة المواطن مقابل تحقيق مصالحه ومكتسباته ، حيث ان الغاية تبرر الواسطة ويعتبرون ان المواطن يجب ان يخضع الى قرارات الحكومة دون اي اعتراض او نقاش متناسين ومتجاهلين فكر المواطن واتساع معرفته واطلاعه وادراكه ومدى سيطرته على عواطفه ومشاعره .
فليس الكل واحدا في هذا النمط الفكري العقلاني او الاخلاقي فهناك من يضيق ذرعاً بمجتمعه فيخرج غاضباً ولم يعد يميز بين الصواب والخطأ ، فأصبح من استطاع ان يظفر بشيء بأي وسيلة كانت فهو من حقه في ظل الظروف الصعبة ، لذلك كانت بعض الفوضى وسرقة البنوك والمتاجر وغيرها بشكل فردي وجماعي فهو على مبدأ النفع الجمعي وان ذلك لجم ورد فعل على قرارات اضرت بمعيشته وعمله .
ومن هناك كانت الدعوة من العقلانيين والمصلحين والوطنيين الى ربط اي دوافع ذاتية للانسان بالاخلاق والحس الوطني والضبط العقلاني والصبر الموزون ، حيث ان التقدم في حل الازمات مقرون باسلوب التماسك الاجتماعي والعقد الاجتماعي الاخلاقي لتجنب الفوضى فهي مرحلة انتقالية في ظل ظروف صعبة داخلية وخارجية يتعرض لها الوطن جراء مواقفه الوطنية .
كما وانهم يرون ان الحكومة يجب ان تكون ديمقراطية تستمد قوتها وسلطتها من ارادة المجتمع ( الارادة العامة ) وليس فقط من ممثلي الشعب ، فهي مراقبة باستمرار من المواطنين افراداً وجماعات من اجل ان تترجم الاستراتيجيات الى واقع عملي تنفيذي لتحقيق التنمية التي لها بعد اجتماعي واقتصادي وثقافي وفكري وبعد انساني ، وتعزيز مساهمات ابناء المجتمع في تحقيقها بالاستجابة لأية متطلبات وتعزيز وتحفيز الرؤية النقدية لكافة الاتجاهات والمجالات وتبادل الافكار المفيدة واتاحة الفرصة لابناء المجتمع للمساهمة والمشاركة بذلك بشكل او بآخر ، فهناك ابداعات وابتكارات في العلوم الاجتماعية وفي المشاريع الانتاجية والخدماتية ، وهناك اتجاهات حديثة في تكنولوجيا الاتصال والتواصل وقضايا المجتمع وتحصينه من الآفات المجتمعية ، وهناك دور للاعلام المجتمعي الجديد.
وفي الممارسات المهنية للخدمات الاجتماعية وبلورة الرؤى الحديثة لتفعيل المبادرات المختلفة وهناك دور للمعلومات الحديثة في تنمية المجتمعات سواء في البيئة والمعرفة او غيرها لتوظيف التقنيات الحديثة .
اذن فالفكر الاجتماعي هو ظاهرة عقلية تنتج عن عمليات التفكير القائم على الادراك والتحليل والتقييم ، وبناء عليه يكون المواطن صورة الذات وعلاقته بالمجتمع بالافكار التي توجه سلوكياته وانفعالاته وتصرفاته الفردية والجماعية في بيئتهم ومجتمعهم تماشياً مع الواقع الذي يعيشه ، وهناك من تلتقي افكارهم مع بعضها البعض لتتلاقح بافكار موحدة فيشكلون جمعاً او حراكاً له عناوين يشتركون فيها ضمن المجتمع الواحد او الجماعة الواحدة يعبر عنها بالسلوك والتعبير اللفظي ، فهذه مجتمعات لا تتصف بالجمود بل تتسم بالديناميكية والتغيير وانفعالية مع اي قرار ممكن ان يؤثر فيها فرداً او جماعة.
وكثير من الحكومات قد اغفلت دور مؤسساتها ومديرياتها والمنظمات غير الحكومية في العديد من المجتمعات خاصة في المناطق الاقل حظاً او المحافظات النائية وتناست دور المصلحين المجتمعيين والشخصيات المؤثرة هناك ، لتتعامل بقراراتها بشكل مركزي دون سابق تنسيق وتهيئة لأي قرار تسعى لاتخاذه فكان لا بد وان يكون هناك ردود افعال متفاوتة// .
hashemmajali_56@yahoo.com