نبض البلد ـ عمان
تجد منظمات المجتمع المدني والحركة النسوية الأردنية نفسها اليوم في سباق مع الوقت لاتخاذ خطوات تحاول من خلالها كسب تأييد مجلس الأمة بشقيه (النواب والأعيان) في إقرار التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم 36 لعام 2010، في جلسة مشتركة يعقدها المجلس الاثنين المقبل.
وأهم هذه التعديلات، هو تعديل الفقرة ب من المادة رقم 10 في القانون والمتعلقة بتزويج الفتيان والفتيات في حالات الاستثناء.
وتنص الفقرة "يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة، ويكتسب من تزوج وفق ذلك أهلية كاملة في كل ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما".
أما التعديل، فيطالب برفع سن الزواج في حالات الاستثناء الى من أكمل السادسة عشرة سنة شمسية بدلا من الخامسة عشرة؛ في ظل اشتراط الفقرة (أ) من المادة رقم 10 لأهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين، وأن يتم كل منهما ثماني عشرة سنة شمسية من عمره.
الحركة النسوية ومنظمات المجتمع المدني وأطراف حكومية ذات علاقة، ترى في مجموعة التعديلات على القانون، خطوات تشريعية قانونية أساسية لحماية الأجيال الفتية من تبعات الزواج المبكر على الأفراد والأسر، خاصة الصغيرات، لما لهذا الزواج من تبعات سلبية على حياة القاصرات الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية.
وتعتقد أن الأساس هو تطبيق الأصل القانوني في أن لا يتم الزواج قبل 18 عاما؛ نظرا لعدم قدرة الفتيات والفتيان الصغار على تحمل أعباء مؤسسة الزواج؛ لكنها ترى أن الاستثناء إذا كان لا بد منه؛ تحقيقا للمصلحة العامة ودرء المفاسد، فلا بد من التحقق بتطبيق التعليمات المتعلقة بتزويج القاصرات بشكل دقيق من الأطراف الحكومية ذات العلاقة، بهدف أن تكون هذه الحالات محدودة وليست بأعداد كبيرة.
لكن واقع الحال يقول غير ذلك، فعقود الزواج في حالات الاستثناء والتي كانت فيها القاصرات طرفا، بلغت 52 ألفا و659 عقدا لآخر 5 سنوات (2013-2017)، وفقا للتقارير السنوية الصادرة عن دائرة قاضي القضاة، بحسب ورقة الحقائق عن تزويج القاصرات التي أعدّها تحالف نجود للقضاء على تزويج الأطفال.
وقالت الورقة: إن 10 آلاف قاصر مهددات بالحرمان من التعليم سنوياً؛ استنادا إلى ما أظهرته نتائج ورقة تحليلية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة خلال 2017 حول "الحالة الزواجية في الأردن"، بأن هنالك علاقة قوية بين الزواج المبكر والانقطاع عن التعليم، بينما تنص تعليمات الإذن بالزواج لمن هم دون 18 عاما على ضرورة أن لا يكون الزواج سببا في انقطاع الزوجة عن التعليم.
بناء عليه، فإن أرقام عقود الزواج للصغيرات في حالات الاستثناء كبيرة، تدلل على ضرورة الأخذ بالتعديلات لقانون الأحوال الشخصية، وهو رفع السن إلى "من أكمل السادسة عشرة".
وأشارت الرئيسة التنفيذية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" المحامية أسمى خضر، إلى أن التعليمات المتعلقة بزواج القاصرات والقصر وحدها غير كافية للحد من حالات الاستثناء؛ لأن هناك ضغوطا من بعض أولياء الأمور على القضاة لإتمام بعض الزيجات، لذا فإن التدرج في تطوير التشريعات من خلال الأخذ بتعديل الفقرة (ب) من المادة رقم 10، ستساعد القضاة على اتخاذ القرارات بعيدا عن هذه الضغوط.
بدورها، بينت المديرة التنفيذية لمنظمة "ميزان" للقانون المحامية إيفا أبو حلاوة: إن منظمتها تعمل ميدانيا مع ضحايا العنف والمعرضات للخطر، ووجدت أن الزواج في عمر مبكر له انعكاسات سلبية تطال الزوجة الأم والأطفال والمجتمع؛ نظرا للصعوبات العديدة في طريقة التعامل مع الزوج أو الأبناء أو الظروف التي قد تستجد في حياتها، كالطلاق أو الترمل المبكر أو أن تجد نفسها مسؤولة عن أسرتها دون سابق إنذار، والحالات الواقعية التي نتعامل معها تؤكد هذه الآثار يوميا.
وتؤكد خضر وأبو حلاوة، اننا أمام مشكلة حقيقة ستكون لها تبعات كبيرة على الأجيال القادمة، ما لم يتخذ صناع القرار والمشرعون ومنفذو القانون الإجراءات الضرورية للحد من حالات زواج القاصرات والقصر.
الحركة النسائية ومنظمات المجتمع المدني وحتى مؤسسات حكومية ذات علاقة تدعو لتهيئة المناخ للمرحلة العمرية 15-18 عاما، تعليميا واجتماعيا بدلا من تكبيلهم، بالتزامات ومسؤوليات اجتماعية.
ففي المجتمع الاردني والعالم امثلة لفتيان وفتيات كان لهم دورا مؤثرا في مجتمعاتهم والعالم، وليسى أدل على ذلك من النموذج الذي قدمتة ناشطة البيئة العالمية ذات الـ 16 عاما غريتا ثانبيرج، التي تسعى لإيقاف الاحتباس الحراري والتغير المناخي، مطالبة الحكومة السويدية بخفض انبعاث الكربون للمستوى الذي طالبت به اتفاقية باريس للمناخ للعام 2015 (وهو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ).
ولفتت ثانبيرج أنظار العالم، كما ألهمت طلاب المدارس، ليشارك ما يُقارب 20 ألف طالب في 270 مدينة من العالم في كانون الأول 2018 بإضرابات مدرسية من أجل المناخ.
ثانبيرج قدمت مثالاً رائعا لطموحات وأحلام الصغيرات في مستقبل أفضل للحياة على كوكبنا (الأرض)، تسوده العدالة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.