تجد الواحد منا يكاد ينتحر اذا دفع زميل عنه اجرة الباص او اجرة التكسي. واذا دعاه الى مطعم «القدس» في وسط البلد وتناولا «المنسف» وجاءت الفاتورة ، تجده يقوم ويشد قميصه رافضا ان ان يدفع عنه. وربما يظن الناس ان في الامر سوء او مشكلة بين الجالسين على المائدة.
وفي المقهى يحدث الشيء ذاته ، يلتقي الاصدقاء ويثرثرون ويضحكون ويمارسون النميمة بشتى انواعها والوانها ، وتأتي الاراجيل بشتى نكهاتها واحجامها ، وتنتهي السهرة ويتدافع الشباب لدفع الفاتورة وتسمع الصرخات والاصوات مما يوحي بأن معركة نشبت ، وفي النهاية يغضب من لا يدفع ويفرح الاكثر كرما ونخوة وشهامة.
واذا ما أتاك ضيف تجدك تستنفر الاهل والجيران وتذهب زوجتك لاحضار الاطباق والصحون والملاعق من بيوت الجيران ، وربما تستعير طاولة السفرة من الجارة الاقرب الى قلب زوجتك وترسل الاولاد الى السوبر ماركت لاحضار ما غلى من العصير والفاكهة.
كرم ما بعده كرم ونخوة ما بعدها نخوة وشهامة ما بعدها شهامة.
وفي المقابل تجدنا في الشارع .. غير.. اذا اقترب منا سائق حاصرناه ومنعناه من المرور. لا رحمة ولا تسامح ولا منح اولويات وسباب وشتائم ولعنات واشتباك بالايدي و» القنوة» وما تيسر من الادوات الحادة وممكن نشهر المسدس «غير المرخص». ومنا من يمد يده وارجله من السيارة للفتك بصاحب السيارة التي امامه.
كرم في اشياء..
وبخل حد القتل في اشياء ..
هكذا نحن نترنح بين الماء وبين النار.