تصريحات الملك النارية وخطوة ترامب الغبية في الجولان
رشاد كويتي وانزياح قطري يعززان نجاح الفكرة
العراق تتكفل بالموافقة السورية واللبنانية وتحييد ايران
لا بديل عن وحدة الهلال مع مصر لتشكيل حالة توازن عربي
نبض البلد – عمان - عمر كلاب
ليس بحكم حنين الى الماضي ,او قراءة الحدث بأثر رجعي , يمكن تفسير القمة الثلاثية بين العراق ومصر والاردن , كحالة إحياء مفترض لمجلس التعاون العربي , الذي ضم مصر والعراق واليمن والاردن في العام 1989 , قبل ان تُطيح به ازمة الخليج الثانية واحتلال العراق للكويت , كما لا يمكن الاستئناس الى ان ظروف غرق العبارة في نهر دجلة فرضت هكذا لقاء لضرورة عودة رئيس الوزراء العراقي الى بلاده بسرعة كما اشار في تغريدته على مواقع التواصل , فالسلوك السياسي لدول الخليج العربي والتطاول الامريكي بإدارة ترامب يفرضان التفكير بالقمة على نحو مغاير , وبانها استجابة موضوعية لحادثتين متصلتين شغتلا الشارع العربي مؤخرا .
القمة الثلاثية تأتي بعد تصريحات خارقة للمألوف السياسي اطلقها الملك عبدالله في محافظة الزرقاء التي تعتبر نسخة مصغرة عن الاردن بحكم تركيبتها الجغرافية والديمغرافية اضافة الى انها مدينة العسكر , قال فيها " لن اغير موقفي من القدس وشعبي معي " مؤكدا للمرة الاولى تعرضه لضغوطات شخصية , وتعرض الاردن لضغوطات , لم يكشف الملك عبد الله طبيعتها وسمتها , وإن كانت العين لا تخطئ قراءة الضغوطات الاقتصادية والسياسية على الاردن في هذه الفترة , تلك الضغوطات التي تتبدى في اكثر من حالة ولبوس , تبدا بالتوقف العربي عن دعم الاردن في ظروف اقليمية حرجة ولا تنتهي بالتشكيك المؤطر والمدروس لكل خطوة ملكية او سلوك رسمي .
وبالعودة الى مخزون الذاكرة قليلا , فإن مجلس التعاون العربي جاء في ظرف عربي مشابه , بعد اشتعال الانتفاضة الفلسطينية الاولى وتراخي دول الخليج عن دعم هذه الانتفاضة او توفير شكل من اشكال الدعم للاردن , الذي كان مطلوبا منه خنق الانتفاضة والضغط على منظمة التحرير , وهذا ظرف مشابه اليوم بفعل تداعيات صفقة القرن والضغط على الاردن , فكان خيار الاردن ومصر اكثر دولتين حساسية بالشأن الفلسطيني القيام بهجمة عكسية ضد التورط الخليجي والمغاربي وقتها بالمشروع الامريكي الى انتاج حلف اقتصادي – سياسي لمواجهة هذه الضغوط , وما اشبه اليوم بالبارحة .
اليوم , يبدو المشهد مقاربا لشكل المشهد في العام 1989 , فالتسريبات تتحدث علنا عن موافقة عربية خليجية على صفقة القرن مصحوبة بانفتاح خليجي على الكيان الصهيوني , دون مراعاة لحساسيات الشارعين الاردني والمصري بالاضافة الى نكران خليجي لشكل الدولة العراقية بنسختها ما بعد الاحتلال الامريكي بحجة الدور الايراني والتركيبة المذهبية التي لا تعاني منها مصر والاردن كثيرا , بل ان الدولتين لا تحملان خصومة منهجية او عقائدية للجمهورية الايرانية بقدر ما تقومان بدور مفروض بحكم الأثر الخليجي والامريكي , الذي زاد الضغط على هذا المثلث باعلانه الاخير حيال الجولان العربي السوري , مما يعني بالضرورة اعادة استنهاض دول الهلال الخصيب بالاضافة الى مصر التي كان لها حضور واشتباك وحدوي مع هذا الاقليم البشري النابض بكل اشكال الحياة الاقتصادية والموارد البشرية كما يقول الدكتور خالد الوزني الخبير الاقتصادي المعروف .
الفكرة اليوم اكثر معقولية من نسختها الاولى , فدول مجلس التعاون الخليجي لن تتوحد ضدها بحكم الخلافات البينية داخل المنظومة الخليجية , والاهم صوت الحكمة الكويتي داخل هذه المنظومة –والانزياح القطري بعد الحصار , مما يعني ان المنظومة الخليجية لن تكون عظيمة التأثير على هكذا مشروع سياسي واقتصادي , كذلك فإن الوجود العراقي يعني عدم ممانعة سورية التي بدأت بالتعافي من الربيع المتسخ بالارهاب والتدخلات الاجنبية , والذي الحق ضررا استراتيجيا بالاردن والعراق بشكل مباشر وعدم ممانعة سورية تعني دخول لبنان ايضا وتحييد ايران نسبيا عن الساحتين العراقية والسورية وامكانية توفر دعم روسي , بعد ان اثبتت الادارة الامركية بقيادة ترامب انها تعبير صهيوني في واشنطن وليس العكس , فما قاله وزير الخارجية الامريكي عن دعم الهي يحتاج الى اكثر من قراءة ومراجعة حسابات .
لن نتسرع في التحليل واستباق الاحداث , لكن السياق التاريخي يؤشر على ضرورة احياء مجلس التعاون العربي بعد ان انتهت نظريا فكرة الجامعة العربية ووحدة التعاون الخليجي والمغاربي ودخول الدول فرادى الى الحظيرة الامريكية , دون مراعاة حسابات الامن القُطري لدول مثل الاردن ومصر وحساسيتهما من العبث بالقضية الفلسطينية .//