في إطار فعاليات الدورة الثامنة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، نظَم المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة ورشة عمل متخصصة حول مهارات الاتصال الحكومي، قدمها نخبة من أبرز الخبراء والمتخصصين في مؤسسة "كانتار" للاستشارات والمعلومات التابعة لمجموعة "دبليو بي بي" العالمية، بحضور عدد من كبار المسؤولين بالإمارة.
قدم الورشة كل من شون لاركينز، الرئيس التنفيذي لـمؤسسة "كانتار" للاستشارات، وفؤاد جوزيف حايك، المدير المساعد لـ "كانتار" في منطقة الشرق الأوسط، حيث ركزت على دور الاتصال الحكومي في تبني وتنفيذ السياسات الأكثر فعالية في التواصل مع الجمهور، وحضر الورشة الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، وسعادة طارق سعيد علاي، مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وجواهر النقبي، مدير المركز الدولي للاتصال الحكومي.
وتطرق المتحدثون إلى القضايا الملحة التي تواجه الحكومات في جميع أنحاء العالم، وكيف يمكن لهذه الحكومات أن تتبنى أفضل ممارسات الاتصال لتعزيز قنوات التواصل مع مواطنيها وبناء علاقات وطيدة مبنية على الثقة والمصداقية، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من تدفق هائل للمعلومات عبر اختراق منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل التكنولوجية والقنوات الرقمية الأخرى بهدف التأثير على الرأي العام.
وأكد الخبيران اللذان أمضيا عدة سنوات في خدمة الحكومة البريطانية، أن الاتصال الحكومي مع الجمهور اتخذ منعطفاً استراتيجياً حاداً في الآونة الأخيرة، ولم يعد كافياً على الجهات الحكومية القيام بإصدار بيانات صحفية أو إطلاق حملات عامة أو مبادرات مجتمعية، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من ثورة تكنولوجية هائلة في مجال المعلومات والاتصالات.
وخلال ورشة العمل، أشار لاركينز وحايك أن التغييرات في المجتمع الإعلامي الاستهلاكي تعني أنه لم يعد ممكناً أمام الحكومات أن تعمل في دائرة من الفراغ، وأن على الحكومات الاعتراف بأنه لا يمكنهم إيصال الرسائل المتعلقة بالسياسات العامة بدون خلق قنوات للاتصال الفعال مع الجمهور.
وبهذا الصدد قال لاركينز: " من خلال العمل مع أكثر من 70 حكومة في جميع أنحاء العالم، ومن خلال البحوث والدراسات المستفيضة التي أجريناها وما توصلت له من نتائج وإثباتات، لقد توصلنا إلى حقيقة راسخة أنه لا يمكن تغيير سلوك الناس للأفضل، سواء من أجل أنفسهم أو من أجل المجتمع، من خلال تزويدهم بالمعلومات فقط، وهو ما يحتم على الحكومات العمل بشكل أكثر فعالية لتعزيز قنوات الاتصال مع شعوبها وبالتالي بناء علاقات أوثق معهم، الأمر الذي يتطلب إدخال علم السلوك البشري في برامج الاتصال الحكومية بغية تحسين فعالية وكفاءة إيصال الخدمات العامة"، لافتاً إلى أن بناء الثقة بين الحكومة والشعب هو ما يضفي الشرعية على الحكومات.
ومن جانبه، سلَط جوزيف حايك الضوء على أهم النتائج الرئيسية التي توصل إليها "تقرير القادة.. مستقبل الاتصال الحكومي"، الذي يعدُ أول دراسة عالمية في الاتصال الحكومي لمجموعة "دبليو بي بي" العالمية حيث شمل التقرير 40 دولة، في محاولة للاستجابة للمخاوف المتنامية من قبل قادة الاتصال الذين يحاولون جاهدين العمل على مواكبة التطورات في وسائل التواصل في القرن الحادي والعشرين، وإيجاد الحلول لأهم المخاوف والتحديات التي تواجه هذا القطاع.
كما ألقى حايك مزيداً من الضوء على النتائج الواردة في التقرير وقال: " تبوأت الإمارات المرتبة الرابعة عالمياً من حيث ثقة الشعب بالحكومة، بنسبة 71%، حيث عبَر المواطنون بأن بأسرهم سيكونون أفضل حالاً في غضون خمس سنوات. وأضاف حايك أيضا أن ثقة الشعب في المؤسسات الحكومية ارتفعت بنسبة 24 % خلال العام الماضي (2018)، بفضل إطلاق العديد من المبادرات الوطنية مثل "عام الخير" و"عام زايد" التي أسهمت إلى حد كبير في ارتفاع هذه النسبة، فضلاً عن توحد جميع أطياف المجتمع وراء هدف مشترك. وأشار إلى أن الحملتين لاقتا صدىً واسعاً في مجتمع وصلت فيه نسبة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى 99%، منهم 92% من المستخدمين النشطين".
واستطرد حايك: "يبلغ متوسط الوقت الذي يمضيه المواطنون الإماراتيون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ساعتين ونصف يومياً، فيما يقضي الشباب الذي تتراوح أعمارهم من 18-21 عاماً نحو خمس ساعات يوميا في متابعة قنوات التواصل الاجتماعي للاطلاع على الأخبار والحصول على المحتوى المعلوماتي واستسقاء الأخبار، بعيداً عن وسائل الإعلام التقليدية، ما يشير إلى التغير الجذري في الطريقة التي يتعامل بها المواطنون مع وسائل الإعلام، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي قوة جديدة بيد الجمهور".
وتساءل حايك: "ماذا يعني التطور المتواصل والسريع في وسائل التكنولوجيا الرقمية بالنسبة لقطاع الاتصال الحكومي في الإمارات وفي الشارقة، من حيث الاستجابة للتوقعات المتزايدة من قبل السياسيين وصناع القرار والسياسات، ومن أفراد المجتمع على وجه الخصوص؟"
وأشار لاركينز وحايك إلى أن هذه التحولات أدت إلى حياة أفضل؛ وأشادا بجهود حكومتي الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال، باعتبارهم من أفضل الحكومات في العالم من حيث تواصلها وارتباطها القوي بمواطنيها، لافتين إلى أن قلة اهتمام الجمهور، وتعدد قنوات ومنصات التواصل، وانتشار السخرية على هذه المواقع تعتبر من الحواجز التي تعيق تنفيذ السياسات.
وفي ختام الورشة، شدد المتحدثان على أن الحكومات بحاجة إلى العمل بشكل جدي لتعزيز التواصل مع المواطنين، وبناء الثقة من خلال التواصل العاطفي والإنساني على المستوى شخصي، تماماً كما يفعل الأصدقاء أو الأشخاص المقربون، من أجل "تغيير سلوك ... تطوير إنسان"، وهو شعار الدورة الثامنة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2019.