نبض البلد ـ وكالات
صحيح أن مطاردة عمر أبو ليلى، منفذ عملية "أريئيل" في سلفيت، شمالي الضفة الغربية، لم تتخطّ ثلاثة أيام، وهي مدة أقصر مما عاشه سابقوه من منفذي العمليات الفدائية، لكن ذلك لم يغطِّ الإخفاق الإسرائيلي في الوصول إليه سريعاً، بعدما تمكن من تنفيذ عملية نوعية بجميع المعايير، بعدما جمعت بين سابقاتها.
في وقت متأخر من مساء اول من أمس، أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) اغتياله أبو ليلى، بعد اشتباكات في محيط منزل في قرية عبوين، التي تبعد نحو 40 كلم عن سلفيت التي بقيت محاصرة لنحو ثلاثة أيام.
وجاء في بيان «الشاباك» أن قوة من وحدة «يمام» الخاصة نفذت عملية الاغتيال بعدما رفض أبو ليلى (19 عاماً) الاستسلام، بل أطلق النار من داخل المنزل الذي كان يتحصن فيه بالسلاح نفسه الذي استولى عليه من أحد الجنود القتلى في العملية.
"لساعتين متواصلتين استمر الجنود المدججون بالذخائر بإطلاق النار على المنزل قبل أن يدخلوه لكشف نتائج جريمتهم، لم نشاهد معهم جثة عُمر ولم نعثر على أشلائه، فقط بقع صغيرة من الدم، لكننا سمعنا من الأخبار أنهم أعلنوا نجاحهم في الوصول لمنفذ "أرائيل" يقول عزام حمد، صاحب المنزل المستهدف في الثامنة من مساء الثلاثاء، حيث عبوين الوادعة شمال رام الله.
هناك.. لا يمكن وصف ما أحدثه الاحتلال في منزل "حمد"، إلا بـ"الحرب".. فتحات كبيرة في الجدران تعدى حجم بعضها مترا ونصف المتر بفعل إطلاق القذائف وصواريخ "لاو"و"أنيرجا" صوب المنزل القديم.. نوافذ مهشمة، وحجارة وشظايا متطايرة دللت على شراسة "حرب عُمر".
بدأ الهجوم على البلدة القديمة في عبوين، ومحاصرة المنطقة في حدود الثامنة مساءً بعد تسلل ثلاث مركبات تحمل قوات خاصة اسرائيلية ومستعربين، تبعها اقتحام كبير لأكثر من 25 جيبا عسكريا، في الوقت الذي لم يكن يعلم أهالي البلدة حقيقة ما يجري، قبل أن ينادي جنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت على ما زعموا أنه الشاب أبو ليلى (19 عاماً) من بلدة الزاوية غرب سلفيت، وتطالبه بتسليم نفسه.
"البيت يستعمل كمضافة لأبنائي وأصدقائهم وهو غير مسكون، ولحظة وقوع الحدث، كان ابني قريب من المنزل وذاهب لإحضار القهوة للسهر مع أصدقائه، وكنت في الطريق للمنزل، وحين وصلت المكان، هجم علي جنود الاحتلال وقاموا بتكبيلي واستجوابي"، اضاف صاحب المنزل المستهدف، عزام حمد.
وأوضح: "لا نعرف بوجود عُمر أو أي أحد في المنزلن، وتفاجأنا من حجم القوة المقتحمة، قاموا باستجوابي واحتجازي واعتقال أربعة شبان من محيط المنزل منهم ابني."
بعد دقائق من مناداتهم عبر مكبرات الصوت لتسليم نفسه، بدأوا بإطلاق الرصاص الحي في محاولة لمعرفة إن كان هناك أحد في الداخل، وبعد مضي ربع ساعة وتوافد تعزيزات ضخمة من جيبات الاحتلال، أطلقوا عدة قذائف على الناحية الشرقية والشمالية من المنزل، محدثين فيه خراباً هائلاً، وبعد أن تمكنوا من اختراق الجدران أطلقوا قذيفتين في داخل المنزل، ثم بدأوا بإطلاق الرصاص بشكل جنوني على المنزل ومن كافة الجهات.
حتى صباح اليوم (امس)، بقيت رائحة الغاز المسيل للدموع في شوارع عبوين قوية، وآثار المواجهات الليلية من متاريس وحجارة وحاويات قمامة، استخدمها الشبان أثناء تصديهم لجيبات الاحتلال حتى ساعات متأخرة من الليل.
استشهد عمر أخيرا، قالت وسائل الأنباء، وهو الذي لم تدم مطاردته كثيراً، بفعل تكثيف اجراءات الاحتلال في محافظة سلفيت وقراها، وصولاً حتى قرى جنوب نابلس وشمال رام الله، 80 ساعة مرت على تنقل عمر بين البساتين والجبال والوديان، حتى استقر به المقام بمنزل مهجور في عبوين.
مئات الجنود والوحدات الخاصة وأفراد الشاباك معززين بطائرات الاستطلاع انتشرت في ساحة المعركة وسمائها.. "أربع ساعات من الحصار وإطلاق النار رفض فيها عمر تسليم نفسه"، قال الجيش "الذي لا يقهر"!!
في نهاية المعركة الدموية وغير المتكافئة.. أعلن الاحتلال "انتصاره" على أبو ليلى واحتجز جثمانه في ارض احبها وطالما تمنى ان تحتضن جسده الغض، ليضاف إلى 40 جثماناً آخر قضى أصحابها في ساحات معارك مماثلة، إضافة لوجود أكثر من 253 شهيد في "مقابر الأرقام" يحتجز الاحتلال جثمانيهم منذ عشرات السنوات.