غياب المعلومة الرسمية وتنوع الصفحات الوهمية والرغبة لتحقيق السبق سبب رئيسي بنشرها
نبض البلد ـ عمان
اكد خبراء، ان التحولات المتسارعة على الصعيدين السياسي والاجتماعي والتي تشهدها المنطقة في الاونة الاخيرة، والكم الهائل من المعلومات المتدفقة في الفضاء الالكتروني، وفرت بيئة خصبة لتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي في حشد الايدولوجيات المتناحرة والرؤى السياسية المتناقضة واطلاق الشائعات، مشيرين إلى ان التثبت من صحة المعلومات والتوعية الإعلامية تحمي من الوقوع بمستنقع الاشاعات.
ويقول الناشط احمد المجالي، ان الشائعات والاكاذيب الملفقة تشكل خطرا يهدد استقرار الدولة وامن اجهزتها لكونها قادرة على خلق حالة من الفوضى والبلبلة في المجتمع، والشكيك بمدى مصداقية وموثوقية الجهات المسؤولة، إضافة إلى نشر الرعب في نفوس المواطنين وصرف نظرهم عن القضايا الهامة، ما يعرقل الانجاز ويحول دون تحقيق المزيد من التقدم والازدهار.
ويشير المجالي، الى مخاطر وخيمة يواجهها المجتمع الاردني جراء انتشار الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل سيئ بنشر الأكاذيب المغرضة، لكونها اتاحت نوافذ إعلامية تصل لقطاعات عريضة من الجماهير، واسهمت في نشر مفهوم المواطن الإعلامي، ومدوني الإعلام الجديد وشبكات التواصل الذين قد لا يكونون بالضرورة ملمين بأخلاقيات العمل الإعلامي.
وترى الناشطة بثينة خريسات، ان غياب المعلومة الرسمية او تأخرها، سبب رئيسي في نشر الشائعات، اضافة الى تنوع وكثرة الصفحات الوهمية وعدم السيطرة عليها، مؤكدة ان الحلول تكمن في تتبع المواقع الوهمية واغلاقها.
من جانبه، يعتقد الناشط محمد عزايزة، ان غياب ثقافة التاكد من المعلومة عند مستخدمي مواقع التواصل اسهم في انتشار الشائعات، اضافة الى ترويجها بطرق تجذب القارئ.
ويشير التقرير التراكمي الذي نشره "مرصد اكيد" للعام 2018 واشتمل على رصد ثمانية أشهر، الى ان عدد الشائعات المتداولة عبر منصات التواصل ووسائل إعلام محلية وخارجية ونالت الشأن الأردني بلغ 274 شائعة بمعدل 34 شهريا، منها 200 بنسبة 73 بالمئة مصدرها وسائل التواصل و27 بالمئة مصدرها وسائل إعلام، و74 شائعة مصدرها من الخارج (منصات تواصل اجتماعي، وسائل إعلام) بنسبة 27 بالمئة، و44 نقلتها وسائل إعلام عن منصات التواصل بنسبة 16بالمئة.
الحقوقي المختص بالشأن الاعلامي الدكتور صخر الخصاونة يعتبر، ان مواقع التواصل مساحات لممارسة حرية الراي والتعبير، حيث انها متاحة وسهلة وغير مكلفة الامر الذي اسهم بأن تتشابك علاقات المستخدمين على هذه الشبكات، ما سبب فجوات كبيرة بين المستخدمين بسب عشوائية الاصدقاء او المتابعين من جمهور غير متناسق اجتماعيا ودينيا وثقافيا وحتى بالعمر.
ويضيف الخصاونة، ان إشكاليات هذه الاراء بدأت تتبلور واصبحت هذه المنابر ادوات لتأكيد او نفي الاخبار او تعميق او تذليل رأي على حساب اخر، حيث تنامى خطاب الكراهية والتعصب وعدم قبول الطرف الاخر فضلا عن قيام المستحدمين بكثير من الاحيان باستخدام اخبار ليس لها صحة وتنقلها الجماهير دون التحقق او التاكد من مصداقيتها .
ويرى ان القضاء على الاشاعات وتداولها يكمن في عملية التوعية والتربية الاعلامية لمختلف فئات المجتمع والتدريب على التحقق من الاخبار وانتاج محتوى انساني قابل لاحداث تغيير في منظومة القيم الانسانية، مؤكدا أن القانون ومهما تشدد في العقاب ليس كفيلا بانهاء هذه الظاهرة وانما يساعد في تحقيق الردع دون القضاء مباشرة عليها.
ويشير نائب نقيب الصحفيين الاردنيين ينال البرماوي، ان وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير بانتشار الاشاعات نظرا لحجم المستخدمين للشبكة العنكبوتية، اضافة الى الرغبة لدى معظم الاشخاص لبث اي معلومة لتحقيق السبق دون التاكد من صحة المعلومات ومصادرها، اضافة الى ان كثيرين يأخذون المعلومات التي يتلقونها كمسلمات.
ويضيف ان القائمين على بث الاشاعات يستغلون درجة الثقة التي تتولد من قبل المتابعين لهم ويعطيهم دافعا للاستمرار في نسج وتبني روايات غير صحيحة وبما يتلاقى مع رغبات الناس والمزاج العام .
ويقول انه للحد من هذه الظاهرة التي اصبحت مؤذية للمجتمعات يجب زيادة الوعي والثقافة لدى مستخدمي الانترنت وتحصين متلقي المعلومات، وذلك بتوفير المعلومات الصحيحة لهم ، كما ينبغي اعادة الدور الحقيقي للاعلام من خلال بناء الثقة به مجددا ليعود مصدر الخبر الحقيقي والصحيح.