حكومة اشتية.. تعميق للانقسام أم تمهيد للمصالحة

نبض البلد -

مهمة صعبة وشائكة تنتظره في رئاسة الحكومة الفلسطينية

نبض البلدـ وكالات

فيما انتهى الهجوم "الفتحاوي" على رامي الحمد الله بتخلّيه عن قبول تشكيل حكومة جديدة، ليصير خارج الدائرة الرسمية بعد ستّ سنوات في رئاسة الوزراء، ولتستعيد "فتح" هذا المنصب بعدما غاب عنها منذ زمن سلام فياض في 2007، يرى محلّلون أنّ مهمة محمد اشتية، عضو اللجنة المركزية لفتح، ستكون شائكة وبالغة الصعوبة.

ويوضح هؤلاء المحللون والمراقبون، أنه تم تكليف اشتية في ظلّ أزمة اقتصادية ومالية تعصف بالسلطة الفلسطينية، وإلى جانب هذه الأزمة التي لا يبدو أنّ هناك حلاً قريباً لها، يواجه اشتية ملفات سياسية خارجية وداخلية، وأبرزها ملف المصالحة.

ويعتبر هؤلاء انه منذ اللحظة الأولى لاستقالة حكومة الوفاق الوطني وقبول الرئيس محمود عباس تلك الاستقالة، انخفضت أسهم تكليف الحمد الله في تشكيل الحكومة "الفصائلية" اسما و"الفتحاوية" فعلا ليكُلّف عباس اشتية، تشكيل الحكومة الجديدة بعد نحو شهر ونصف شهر من استقالة حكومة الحمد الله، وكان أول من أعلن هذا التكليف عضو "المركزية"، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، الذي يعتبر من الفريق الداعم لترشيح اشتية، المكوّن من نائب رئيس الحركة محمود العالول، ورئيس جهاز «المخابرات العامة» ماجد فرج، وآخرين.

هذه الحكومة، التي كان واضحاً منذ البداية أنها ستكون "فتحاوية"، لا يبدو أن اشتية سينجح في ضمّ فصائل إليها، وخاصة الجبهة الشعبية، فيما يبقى الجهد حاضراً لإقناع "الديموقراطية"، مع ضمان دخول فصائل أخرى صغيرة من "منظمة التحرير" وبضع شخصيات مستقلة.

وفيما اعتبر خبراء سياسيون أن تكليف اشتية، بتشكيل الحكومة يمثل خطوة نحو تعميق الانقسام الداخلي، يرى آخرون أنها فرصة لتحقيق مصالحة وطنية.

الفريق الأول رأى أن حكومة اشتية تتجاهل الأطراف الأخرى، ولن تخرج عن برنامج الرئيس عباس، ولن تشمل قطاع غزة، مما يمثل تعميقا لحالة الانقسام، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون صفقة القرن والاحتلال، أما الفريق الآخر فذهب إلى أن تلك الحكومة "سيكون فيها من الكفاءة ما يمكنها من تطبيق أولوياتها الوطنية الأولى، وهي إنهاء الانقسام، وستبدأ هذا المسار عبر الإعداد للانتخابات، والذهاب باتجاه الوحدة، في حال قبلت حماس".

وثمة انقسام فلسطيني بين حركتي "فتح" وحماس"، منذ عام 2007، حين سيطرت "حماس" على غزة، ضمن خلافات مع "فتح" لم تُفلح وساطات واتفاقات عديدة في معالجتها.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، إنّ "تشكيل فتح للحكومة يعني أنّ باب المصالحة أغلق حتى إشعار آخر"، وأضاف: "حالياً هناك أعباء ضخمة على "فتح"، على المستويات كلها، فضلاً عن أزمة الصراع المحتدمة مع الولايات المتحدة، والمعرّضة للتفاقم أكثر، في حال عرضت الإدارة الأميركية "صفقة القرن"، وهذا عبء كبير ستتحمله "فتح" لوحدها تقريباً في ظلّ مقاطعة عدد من فصائل المنظمة للحكومة المقبلة".

ولعل أبرز الأزمات التي تنتظر حكومة اشتية، كما يرى المصري، تتمثّل "بأنّ هذه الحكومة ستؤجّج معركة خلافة عباس، وتجعل رئيس الحكومة الفتحاوي يؤدي دوراً في هذه المعركة المقبلة".

طلال عوكل، كاتب وخبير سياسي، قال إن "الساحة الفلسطينية مرتبكة إلى حدّ كبير، وليس فيها ما يشير إلى إمكانية تحقيق توافقات وطنية، سواء على مستوى المصالحة أو غيرها".وأضاف أن "طرفي الانقسام، سواء في القطاع أو الضفة، يتخذ الإجراءات والسياسات التي يراها مناسبة بشكل فردي".

وانتقد تشكيل حكومة جديدة، قائلا إن "هذا تشكيل سياسي يعني تعميقا لحالة الانقسام مرة أخرى، وتجاهل الأطراف الأخرى، محذرا من أن هذه الخطوة تشكّل "تعقيدا جديدا فيما يتعلق بموضوع المصالحة الداخلية".

وقال مصطفى إبراهيم، كاتب ومحلل سياسي، "ستكون حكومة لفتح والضفة، ولن تشمل غزة"، ووصفها بـ"حكومة الانقسام"، ورأى أنها "لن تخرج عن برنامج الرئيس عباس، لذلك لن تغيّر بشكل إيجابي في مجريات ما يحدث في الساحة الفلسطينية"، وحذر من أن الحكومة المقبلة "يمكن أن تكون أسوأ من سابقتها"، مشددا أن الحالة الفلسطينية بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية.

إبراهيم المدهون، كاتب سياسي، وصف حكومة اشتية بـ"حكومة الأمر الواقع"، معتبرا أنها "غير دستورية"، لكنه رأى أن "اشتية أمامه فرصة كي يقنع حماس بأنه عنصر حل وليس خلاف، من خلال فتح ملف المصالحة.

ورأى أن تلك "الفرصة (على طريق المصالحة) لن تتكرر ولن تدوم طويلا"، خاصة وأن الحالة الفلسطينية مضطربة وبحاجة إلى قرارات جديدة".

وذهب يحيى رباح القيادي في "فتح”، إلى أن "الحكومة الجديدة سيكون فيها من الكفاءة ما يمكنها من تطبيق أولوياتها الوطنية الأولى، وهي إنهاء الانقسام”، معتبرا أن تكليف اشتية "خطوة موفقة، فهو شخصية ذات خبرة واسعة وكفاءة مميزة، تجعله قادرا على تنفيذ مهامه"،

ووفقا للكاتب السياسي عبد المجيد سويلم، فإن الحكومة الجديدة "من المقرر أن تبدأ مرحلة إنهاء الانقسام، باعتبار أنها ستُكلّف بالإعداد والإشراف على الانتخابات (التشريعية)، والذهاب باتجاه الوحدة، في حال "تعقّلت" حماس" وقبلت بالانتخابات سيصبح الانقسام الداخلي منتهيا".

واعتبر سويلم أن رفض بعض الفصائل، المشاركة في الحكومة الجديدة هو "موقف غير صحيح، وتعطيلي بالدرجة الأولى، فمن الخطأ استخدام الفيتو في الشراكة الوطنية".