بلال العبويني
استكمالا لمقالة يوم أمس التي كانت بعنوان "الطخ على الرئيس"، ثمة سؤال مطروح منذ مدة مفاده هل ترحل الحكومة قريبا؟
في الواقع، الأزمات التي وقعت بها الحكومة مؤخرا، وتركيز الهجوم حتى على أبسط القضايا قبل أعقدها بالإضافة إلى حالة التردد والتراجع عن الكثير من القرارات من قبل الرئيس أوحت أن عمر الحكومة قصير، وأنها لن تصل إلى نهاية المدة الدستورية لعمرمجلس النواب الثامن عشر.
غير أن المنطق يقول غير ذلك، إذ ليس من المعقول أن ترحل حكومة الرزاز لتحل محلها حكومة أخرى لن يتعدى عمرها في أحسن الأحوال العام وبضعة أشهر، حيث ستكون أمام استحقاق الرحيل بحكم الدستور بعد أن ينتهي عمر مجلس النواب، إذ أن النص الدستوري يشير صراحة إلى رحيل الحكومة التي تُنسب بحل مجلس النواب.
ثمة استحقاق يتمثل في تعديل قانون الانتخاب، وباتت هناك قناعة لدى الغالبية بضرورة تقليص عدد أعضاء مجلس النواب إلى نحو 100 نائب لإعطاء الفرصة لمجالس اللامركزية القيام بمهامها الخدماتية.
تعديل قانون الانتخاب، يلزمه أيضا إعادة النظر في قانون اللامركزية الذي يعاني المجلس الأول المنتخب من "الضياع" في فهم المهام المناطه به وفي الفصل بين عمل نوابه ونواب البرلمان الذي يراد لهم أن يكونوا سياسيين رقابيين مشرعين لا خدماتيين.
هذان القانونان ليس وحدهما اللذين يحتاجان إلى تعديل، إذ أن القناعة باتت عامة في ضرورة تعديل قانون الأحزاب، بما يسمح بتسهيل مهمة الأحزاب للوصول إلى قبة البرلمان، بالإضافة إلى القناعة أن نظام تمويل الأحزاب القائم لا يستقيم والغاية منه في دعم البرامج الحزبية، بل إنه بات باب استرزاق للكثير من الأحزاب التي لا تقدم شيئا للمشهد السياسي المحلي.
هذا على صعيد القوانين السياسية الإصلاحية المهمة التي من المنتظر إنجازها خلال المرحلة المقبلة، أما ما تعلق بعملية الإصلاح الاقتصادي فإن حكومة الدكتور الرزاز تقوم بما هو مطلوب منها، فمثلا تمكنت من تجاوز مطب قانون ضريبة الدخل، وما زالت تعمل على ما بعد مؤتمر مبادرة لندن الذي وصفه الرئيس وكثير من المراقبين بأنه كان ناجحا، فضلا عن الإنجاز الذي تحقق في الغاز المصري والاتفاقيات الموقعة مع الجانب العراقي وفتح الحدود مع سوريا والتقارب التدريجي الحاصل في العلاقة ما بين الدولتين وهو ما من شأنه أن يساعد في تحسين الواقع الاقتصادي المر الذي تعانيه المملكة.
من حيث الاقتصاد أيضا، تحسنت النظرة الدولية للاقتصاد الأردني وقد عكست المواقف التي صدرت في مؤتمر مبادرة لندن ذلك الرضا ما تمخض عن منح وقروض بفوائد ميسرة.
قد يقول أحدهم إن ما تم هو إنجاز ملكي، وهذا صحيح مائة بالمائة، إذ لولا الجهد الملكي والحظوة الدولية التي يتمتع بها ما كان لمؤتمر لندن أن ينعقد وما كان بالإمكان إنجاز ما تم إنجازه من اتفاقيات مع العراق على سبيل المثال. غير أن ذلك يصب بالنهاية في صالح الحكومة.
بالتالي، ولأجل ما ذكرنا آنفا وأكثر، فإن الحكومة أقرب إلى مرافقة مجلس النواب إلى ما تبقى من عمره، وأن "الطخ" الذي تتلقاه على وسائل التواصل الاجتماعي كـ "حرب الوثائق" لن تسهم في رحيلها إلا إذا كنا أمام مشهد مشابه لذلك الذي شهدناه في رمضان الماضي إبان حكومة الدكتور هاني الملقي.
ما سبق لا يعني أن ثمة قناعة تامة بأداء الحكومة، بل إنه قراءة أظنها واقعية لما هو مطروح أمامنا من معطيات.//