نبض البلد -
عماد عبدالقادر عمرو
رئيس مجلس محافظة العقبة سابقاً
خلال الزيارة الملكية السامية إلى محافظة العقبة مطلع عام 2023، كان لي شرف الحديث أمام جلالة الملك المفدى، ناقلًا بعض مطالب أبناء المجتمع المحلي، ومعبّرًا عن تطلعاتهم نحو مزيد من التنمية والخدمات النوعية.
وبصفتي رئيسًا لمجلس محافظة العقبة آنذاك، عرضت أمام جلالته مجموعة من المشاريع ذات الأولوية الوطنية التي يرى المجلس ضرورة تبنيها ضمن موازنته، وكان من أبرزها إنشاء مركز متخصص لعلاج الإدمان يتبع مديرية الأمن العام ويخدم محافظات الجنوب كافة.
وفي ظل الحملات الوطنية المكثفة للحد من ظاهرة المخدرات التي باتت تؤرق المجتمع الأردني، وتستهدف فئة الشباب على وجه الخصوص، برزت الحاجة الملحّة إلى توفير خدمات علاجية وتأهيلية متخصصة في محافظات الجنوب.
وبعد اللقاء الملكي، باشرنا العمل بالتشاركية مع مديرية الأمن العام وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وشركة تطوير العقبة لاختيار الموقع الأنسب لهذا المشروع الحيوي، الذي من شأنه أن يشكّل نواةً لمنظومة وطنية متكاملة تُعنى بالعلاج والتأهيل والدعم النفسي والاجتماعي.
وتم بالفعل تخصيص مبلغ ضمن موازنة مجلس المحافظة للبدء في تنفيذ المشروع، الذي لم يعد مجرد فكرة بل أصبح ضرورة وطنية تهدف إلى التسهيل على المواطنين، ولا سيما أبناء الجنوب، ممن يسعون للعلاج أو ممن وقعوا ضحية لهذا السم القاتل.
لقد أسهم الجهد الكبير والحملات المكثفة التي تنفذها إدارة مكافحة المخدرات في تعزيز وعي المجتمع بخطورة هذه الآفة، وجعلت فئة الشباب والأسر التي وقعت ضحية لها أكثر قبولًا وانفتاحًا على فكرة طلب العلاج والتعافي من خلال القنوات الرسمية. وأصبح المحتوى الإعلامي التوعوي الذي تبثّه الجهات المعنية يعكس الألم الذي يعيشه الضحايا وذووهم، مما ساعد على تحفيز الرغبة في العلاج والتعافي.
واليوم، ما زلنا ننتظر قرارًا وطنيًا حاسمًا للبدء في تنفيذ هذا المشروع، الذي يشكّل نقلة نوعية في طريق مكافحة هذه الآفة من خلال جعل العلاج في متناول الجميع تحت إشراف مديرية الأمن العام – إدارة مكافحة المخدرات.
إن حجم الهجمة على الأردن وشبابه من خلال تهريب المخدرات بات لافتًا جدًا، والجهود الأمنية المبذولة على الحدود تحوّلت إلى حرب يومية تخوضها أجهزتنا الباسلة لحماية الوطن والمجتمع. غير أن الجانب التوعوي والعلاجي يبقى مكمّلًا أساسيًا في منظومة الحماية، ويتطلب دعمًا مجتمعيًا شاملًا.
وعلى الأهالي ألا يشعروا بالحرج أو الخوف من مواجهة المشكلة، بل المبادرة إلى توجيه أبنائهم نحو العلاج من خلال إدارة مكافحة المخدرات، فطلب المساعدة هو الخطوة الأولى نحو التعافي والنجاة.
ويبقى مشروع إنشاء مركز لعلاج الإدمان في العقبة ضرورة وطنية ملحّة، تحتاج إلى تضافر جميع الجهود الرسمية والمجتمعية وتوفير الدعم المالي اللازم، ليكون هذا المركز منارة أمل في طريق حماية الإنسان الأردني وصون مستقبل الوطن.