نبض البلد -
أحمد الضرابعة
بعد مرور أول عام على تشكيل حكومته، ما زال رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان يلتزم بالجولات الميدانية التي ميّزته عن الكثيرين من أسلافه وهي امتداد لنهج عمله الذي جعله قريباً من المواطنين، وأتاح له رصد الواقع التنموي في مختلف المناطق، ووفر له بيانات فورية يستند إليها في اتخاذ قراراته وتحديد السياسات العامة، وجعل المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية في كافة أنحاء المملكة على موعد متوقع لزيارة رئيس الوزراء، وهذا يعزز من جاهزيتها ويرفع مستوى أدائها والخدمات التي تقدمها.
هذا النهج الحكومي الجديد يُنتج صورة إيجابية في المخيلة الشعبية عن "الحكومة" كسلطة تنفيذية تبدأ من الأطراف ولا تتقوقع في المركز، فجعفر حسّان الذي يدعو مجلس الوزراء للانعقاد خارج العاصمة يُطبق درساً تعلّمه من تجارب رؤساء الحكومات الذين سبقوه، ففي كتابه: "الاقتصاد السياسي الأردني .. بناء في رحم الأزمات"، يرى أن الحكومات واجهت تحديات عامة، من بينها، ضعف قدرتها على توضيح السياسة التي تنتهجها، وفقدان ثقة فئات واسعة من الشعب بها، وهو ما يعتقد أنه شكل حالة اتهامية مجحفة في تقييم مساراتها الاقتصادية. من هنا، يمكننا أن نفهم لماذا يحرص رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان على أن يزور كل قرية أردنية، ويدون ملاحظاته الشخصية حول واقعها التنموي، ولمَ يدعو حكومته للانعقاد في المحافظات بشكل دوري والتحاور مع المواطنين، ولمَ يخصص جزءً من وقته في دار رئاسة الوزراء للالتقاء بالكُتّاب والصحفيين ويجري نقاشات موسعة معهم حول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نموذج الاتصال السياسي الذي يصنعه رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان مع المجتمع الأردني جعل 67% من الأردنيين يرونه قادراً على تحمل مسؤوليات المرحلة وفق الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، ففي زيارته إلى كل محافظة يحمل معه رؤية حكومته التنموية لها، والتي قد لا تكون مرضية للجميع إلا أنها تدل على أن لديه ما يقدمه للناس، فهناك مشاريع كبرى، كالناقل الوطني والمدينة الجديدة والملعب الرياضي وسكة الحديد سيبدأ تنفيذها قريباً، إضافة إلى مشاريع صغرى ومتوسطة كمشروع النقل الذي يُراد منه ربط المركز والأطراف بشبكة واحدة، وهو ما لمس المواطنون أثره بشكل مباشر.
هذه الثقة الشعبية المرتفعة من النادر أن يحصل عليها رئيس وزراء أردني، لكن الدكتور جعفر حسّان في بناءه علاقات مباشرة مع الناس وانخراطه في يومياتهم تمكّن من الحصول عليها رغم أن الظروف الإقليمية ليست مواتية لذلك، وهي التي دفعتني للقول عند تكليفه برئاسة الحكومة أنه إذا تمكن من الحفاظ على الوضع القائم من الناحية الاقتصادية ومنع تراجعه فإن هذا سيكون إنجازاً كافياً يُسجّل له في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، إلا أنه رغم ذلك يسعى بجد لأن تكون حقبته مرتبطة بالإنجاز الوطني. جعفر حسّان، رئيس وزراء يراهن على الأفعال والنتائج في زمن اعتادت فيه الحكومات أن تبدأ عملها بشعارات مغرية وعناوين كبيرة، فهو يرى أن الثقة والشرعية تُبنى بالتركيز على العمل الجاد لا الانشغال في بيع الكلمات والأوهام، وهذا قد يُفسّر لنا قلة ظهوره الإعلامي، فالصورة التي يبنيها لذاته تعتمد على ما ينجزه في الميدان، وليس ما يعد به على الشاشات، ولذلك فإن ما ينتظره منه المواطنون الاستمرار في هذا النهج وإيجاد حلول واقعية للتحديات التي تواجههم وترك الأفعال لتتحدث عن نفسها