نبض البلد - الدكتور المعايطه : أهمية تكريم الكوادر الأكاديمية والإدارية وانعكاسه على أداء المؤسسة الجامعية
بقلم الدكتور محمد علي المعايطة
انطلاقًا من إيماننا العميق بأنّ الإنسان هو محور العملية التعليمية وعماد التطور المؤسسي، تأتي أهمية تكريم الكوادر الأكاديمية والإدارية في الجامعات بوصفها خطوة استراتيجية تعكس ثقافة التقدير والتحفيز، وتُسهم في تحقيق التميز والريادة على المستويين المحلي والدولي.
إنّ تكريم أعضاء هيئة التدريس والموظفين لا يُعدّ إجراءً شكليًا أو احتفاليًا فحسب، بل هو استثمار مباشر في رأس المال البشري، الذي يشكل القوة الدافعة لأي مؤسسة ناجحة. فالتقدير الصادق ينعكس إيجابًا على الأداء، ويعزّز روح الانتماء، ويُرسخ قيم الولاء والانضباط والاحترافية. وعندما يُكرَّم الأستاذ أو الموظف أمام زملائه وطلابه، فإن ذلك يرفع من مكانته وهيبته الأكاديمية، ويجعل منه قدوةً حسنة تُغرس قيمها في نفوس الطلبة، فينشأ جيل يقدّر الجهد ويؤمن بأن النجاح ثمرة عملٍ وإخلاص.
كما أنّ إغفال تكريم الكفاءات أو تهميش المبدعين يُضعف روح الحماس داخل المؤسسة، ويُحوّل بيئة العمل إلى مجرد أداء روتيني يفتقد الدافعية والشغف. لذلك، فإنّ المؤسسات التي تُكرّم مبدعيها تبني منظومة إنتاجية مستدامة، بينما تلك التي تتجاهل كوادرها تخسر تدريجيًا ولاءهم، وبالتالي مكانتها الأكاديمية.
ومن التجارب الملهمة في هذا المجال، ما تقوم به جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST)، في المملكة العربية السعودية الشقيقة التي جعلت من تكريم المتميزين سياسة ثابتة لا ترتبط بالمناسبات بل بالإنجازات. فهي تمنح سنويًا جوائز التميز في البحث والتعليم والخدمة المجتمعية، وتُبرز المكرّمين إعلاميًا وأكاديميًا، مما انعكس على سمعتها العالمية واستقطابها لألمع العقول. وكذلك الحال في جامعة هارفارد التي تتبنى برامج تحفيزية استثنائية وتقديرية مستمرة، تُبرز الكوادر الاستثنائية وتُعزّز بيئة التنافس الشريف والابتكار الأكاديمي.
وعليه، نقترح على ما يلي:
1.استحداث وسام الجامعة للتميّز الأكاديمي والإداري يُمنح سنويًا لأعضاء هيئة التدريس والموظفين المتميزين.
2.اعتماد نظام تكريم رسمي يشمل شهادات تقدير ودرع الجامعة يُمنح في احتفال رسمي برعاية رئيس الجامعة.
3.النظر في الترقيات الاستثنائية لمن يحقق إنجازات علمية أو إدارية استثنائية، أسوةً بالنظام المطبق في القوات المسلحة الاردنيه و عالميا.
4.تخصيص صفحة دائمة على الموقع الإلكتروني لعرض قصص النجاح والإنجازات المميزة لكوادر الجامعة.
5.إطلاق حملة مؤسسية بعنوان "جامعة الوفاء لمن أعطى” تُرسّخ ثقافة الاحترام والتقدير داخل المجتمع الجامعي.
الخلاصة:
إنّ تكريم الكفاءات ليس ترفًا إداريًا، بل هو واجب مؤسسي يضمن استمرار العطاء ويعزز من سمعة الجامعة ومكانتها. فحين يشعر الأستاذ والموظف أنّ جهوده محل تقدير، يتحوّل من موظف ينتظر انتهاء الدوام إلى شريكٍ في النجاح يسعى لرفع راية جامعته، ويزرع في طلبته قيم الجد والولاء والانتماء.
الدكتور محمد علي المعايطة
جامعة البترا الأردنية
