نبض البلد -
ننتقد دوما أداء الناطقين الإعلاميين، ونقرأ ونرى الكثير ممن يتنمرون عليهم عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، ولكن لم يذهب أحد من قبل بالكتابة إلى طبيعة وحقيقة عمل هذا الناطق في الوزارات والمؤسسات وما يعانيه ويكابده يوميا،،
واسمحوا لي بحكم خبرتي خلال عملي بعدد من الوزارات سابقا كمستشار إعلامي، وكوني كنت قريبا جدا وعلى تماس يومي مباشر من الناطقين الإعلاميين، أن أسرد لكم بعضا مما رأيته بحق، بعيدا عن التوقعات والانطباعات السطحية،،،
يا سادتي،،
الناطق الإعلامي ليس مجرد شخص يقرأ بيان أو يصرح بمعلومة، بل هو حلقة وسطى بين الحكومة والرأي العام، يتحمل تبعات كل كلمة تقال،،
ومع ذلك، كثيرا ما يتعرض لاستغلال مباشر من قبل الكثير من العاملين في وسائل الإعلام والصحفيين وغيرهم، اذ يتعرض لطلبات لا علاقة لها بعمله،، من الوساطات، والتعيينات، والتنفيعات، وصولا إلى الابتزاز، وحين يرفض، يجد نفسه في موقف محرج يفسر فورا على أنه عداء أو تقصير،،،
ومن على الضفة الأخرى نجد انه يتحول إلى هدف وفريسة سهلة عبر منصات التواصل الاجتماعي،،، فكل كلمة تخرج من فمه تضخم وتؤول، وأي خطأ صغير يسجل عليه كجريمة جنائية،،
والناس ترى في الناطق وجه الحكومة والمؤسسات، فيحملونه أوزارها كلها، حتى انه يحمل وزر القرارات التي لا يملك بشأنها لا علما ولا رأي هههه تخيلوا معي هذا،،،!!
لكن بالمقابل ؛ الصورة داخل الوزارات أصعب بكثير مما يعتقد الكثيرون،،
فالناطق الإعلامي لا يملك دائما الحرية الكاملة للعمل كما يجب ويحب أن يعمل، وفي كثير من الحالات لا يتم تزويده بالمعلومات الدقيقة في وقتها من مدراء الأقسام أو المسؤولين في الوزارة، واحيانا يعتبرونه دخيل او فيروس في الوزارة وليس من جسدها، وهذا ما يتركه هدف مكشوف أمام الإعلام والرأي العام والصحفيين،،
فكيف يمكن للناطق أن يجيب بوضوح وهو لا يعرف الحقيقة الكاملة،،!!!؟
وأما بالنسبة الحرية المهنية التي يحتاجها ليؤدي عمله فهذه تنتزع منه كما تنتزع الروح من الجسد، فيجد نفسه عالقا بين ما يجب أن يقال للجمهور والصحفيين، وما يسمح له أن يعلنه ويقوله،، وبين الشفافية التي ينادي بها الناس، والسرية التي تفرضها البيروقراطية العفنة أو الحسابات السياسية والأمنية،،
صدقوني،،،
هذا الرجل او تلك الإمرأة يعيشون في دائرة معقدة جدا، وضغط من الحكومة ووزراءها ومسؤوليها، وضغط من الإعلام والصحفيين، وضغط من الناس والأصدقاء والاقارب،،،
وهو يعلم تماما أن أي كلمة ربما تستخدم ضده، وأن أي زلة ستكبر حتى تصبح عنوان مانشيت في الصحف، وترتد عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة،،،
ومع ذلك نجده يواصل الصمود، ويحاول أن يكون صوت واضح بقدر ما يستطيع،،،،
خذوها مني،،
هذا هو الناطق الإعلامي،، مجرد صورة رسمية أمام الكاميرات، لكن خلفها إنسان يواجه ضغوط ويعيش معاناة يومية وصراعات نفسية ومهنية، لا يراها أحد ولا تسجل في سيرته الذاتية المهنية،،،
#خليل_النظامي