كيف سينعكس قانون الكهرباء الجديد على القطاع الصناعي؟

نبض البلد -

 

الجغبير: قانون الكهرباء الجديد خطوة مهمة لتحديث الإطار التشريعي

عايش: قانون الكهرباء الجديد يمكّن المصانع من خفض تكاليف الطاقة

 

الأنباط – عمر الخطيب

 

يشهد قطاع الطاقة في الأردن مرحلة مفصلية مع دخول قانون الكهرباء الجديد لعام 2025 حيز التنفيذ، ليأتي في وقت تتسارع فيه التحولات التقنية والتنظيمية ويتزايد الاعتماد على الطاقة المتجددة وأنظمة التخزين.

القانون لا يقتصر على تحديث الإطار التشريعي فحسب وإنما يضع الصناعة الوطنية أمام معادلة جديدة تقوم على فرص خفض الكلف وتحقيق الاستقرار في التزويد من جهة، ومواجهة تحديات التسعير والتمويل والتطبيق العملي من جهة أخرى، ما يجعل الحوار حوله محورا أساسيا لـ مستقبل التنافسية والاستثمار الصناعي.

وبين الآمال بفتح آفاق أوسع لاستخدام الطاقة المتجددة وتقليل فاتورة الاستيراد، والقلق من آليات التسعير وآثارها على القطاعات الإنتاجية، يبرز الجدل حول القانون كعنوان رئيسي في المرحلة المقبلة.

وفي هذا السياق، أكد رئيس غرفتي صناعة عمان والاردن المهندس فتحي الجغبير أن القطاع الصناعي الأردني خلال السنوات الأخيرة شهد تحولات كبيرة سواء على صعيد الطاقة أو على صعيد التشريعات المنظمة للقطاع، وأن قانون الكهرباء الجديد رقم 10 لسنة 2025 جاء ليواكب التطورات التقنية والاقتصادية، ويضع إطارًا أكثر وضوحا للتعامل مع الكهرباء سواء للمستهلكين أو المستثمرين في قطاع الطاقة، مشيرا الى أن القانون يهدف إلى رفع كفاءة الشبكة الكهربائية وتنظيم العلاقة بين شركات التوزيع والمستهلكين وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة والتخزين بما ينعكس إيجابا على القطاع الصناعي ويعزز قدرته التنافسية.

وبين الجغبير أن القانون لا يفرض تغييرات مباشرة أو جوهرية على الإنتاج أو عمليات المصانع المختلفة تأثيره أكثر ارتباطًا بكفاءة الشبكة الكهربائية وجودة الخدمة وإمكانية الوصول لـ أنظمة توليد مستقلة، وهو ما يعزز استقرار التزويد على المدى الطويل، مؤكدا ان الأثر المباشر على الإنتاج محدود لكن هناك فوائد غير مباشرة مرتبطة بـ تقليل الانقطاعات وتحسين موثوقية الكهرباء.

وبخصوص فتح باب الاستثمار للمصانع في أنظمة الطاقة الشمسية أو تخزين، أكد أنه يفتح الباب للمصانع للاستثمار في توليد الكهرباء ذاتيا سواء من الطاقة الشمسية أو أنظمة التخزين بالإضافة الى انها يمكنها من بيع الفائض الى الشبكة، مبينا ان ذلك يتيح للمصانع تقليل الفاتورة الكهربائية على المدى الطويل ويعطي مرونة أكبر في إدرة الطاقة، بما يتوافق مع استراتيجيات الاستدامة وتحسين الكفاءة التشغيلية.

وأشار الجغبير الى أن قانون الكهرباء الجديد رقم (10) لسنة 2025 يمثل خطوة مهمة في تحديث الإطار التشريعي للقطاع وضمان استدامته، فإن بعض الجوانب تستحق المتابعة لضمان انعكاس آثاره إيجابيًا على القطاع الصناعي، و من أبرز هذه الجوانب آليات تحديد التعرفة الكهربائية إذ لم يتطرق القانون بشكل تفصيلي إلى كيفية تسعير الكهرباء المخصصة للصناعة ما يترك مجالًا لاجتهادات لاحقة تزيد الأعباء على بعض المصانع، بالإضافة الى إشراك القطاع الصناعي بـ صورة مؤسسية في تحديد أسس التعرفة لا يزال محدودا، في حين أن مشاركة الصناعيين من شأنها تعزيز الشفافية وتمكينهم من التخطيط المالي والاستثماري بشكل أفضل.

وأضاف أن موضوع دقة العدادات الكهربائية يبقى محل اهتمام إذ أبقت التعليمات على نسبة الخطأ المسموح بها عند 3.5%، وهو ما قد يترتب عليه تكبد المصانع الكبرى كلفا إضافية غير متوقعة، ومع أن هذه الملاحظات ذات طبيعة فنية، فإن التعامل معها في التطبيق العملي للقانون يضمن تعزيز الشفافية وتحقيق استقرار كلف الإنتاج بما يمكّن القطاع الصناعي من الاستمرار في دوره الريادي بدعم الاقتصاد الوطني.

وأكد الجغبير أن القانون متوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي خاصة من حيث تشجيع الاستثمار، واعتماد الطاقات المتجددة وتعزيز الكفاءة التشغيلية، لكنه يحتاج إلى تطبيق عادل وشفاف للتعليمات التنفيذية، وحوار مستمر مع القطاع الصناعي لـ ضمان أن التغييرات في التعرفة والتوصيل لا تشكل عائقا أمام التنافسية أو التصدير.

ومن الجانب الاقتصادي، بين خبير الاقتصادي حسام عايش أن الأردن شهد تحولات كبيرة في قطاع الطاقة، وبالخصوص مع دخول مصادر الطاقة المتجددة وتكنولوجيا التخزين الكهربائي في هذا السياق جاء قانون الكهرباء الجديد لعام 2025، وأن القانون جاء ليحل محل قانون عام 2002، وكان الهدف منه مواكبة التغيرات التكنولوجية والتنظيمية، وبالتالي فإن القطاع الصناعي من أبرز المتأثرين بهذا القانون نظرا لارتفاع تكاليف الطاقة التشغيلية فيه.

وأشار عايش إلى أن القانون يمكّن المصانع من خفض تكاليف الكهرباء وتحقيق استقرار التزويد من خلال التوليد الذاتي والتخزين على مستوى الموقع، حيث يسمح بـ تركيب أنظمة توليد حتى 1 ميغاواط وبطاريات للاستهلاك الذاتي ضمن سقف تنظيمي تحدده الهيئة، ما يتيح للصناعات (وخاصة الصغيرة والمتوسطة) توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على أسطح المباني وتخفيف الذروة.

ووأوضح عايش إلى أن القانون جعل التخزين قانونيا، ما يتيح للمصانع تقليل الذروة أو المشاركة لاحقا في السوق التنافسي، مع منح الصناعات السيطرة على الأحمال وخفض التكاليف، بالإضافة الى أنه أتاح عقود شراء الطاقة فوق 5 ميغاواط بـ طريقة تنافسية ووسع التعرفة الزمنية لـ تشمل القطاعات الإنتاجية منذ 2025، ما يعزز المرونة والكفاءة في إدارة الطاقة.

وأضاف أن القانون يتيح للمصانع استهلاك الكهرباء في أوقات التعرفة المنخفضة واستخدام البطاريات لـ تخفيف الذروة، ما يساهم في خفض فاتورة الطاقة خصوصا للمصانع كثيفة الاستهلاك، بالإضافة الى إنشاء شبكات نقل خاصة ومشاريع توليد وتخزين مستقلة ما يمنح المجمعات الصناعية الكبرى ومشاريع الهيدروجين الأخضر قدرة أكبر على تأمين احتياجاتها، مشيرا الى أنه خفض الحواجز التنظيمية على الجانب الاستثماري وأعفى التوليد حتى 1 ميغاواط من الترخيص، ما يسهل التمويل ويزيد ثقة البنوك لـ يعزز بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين.

رغم فوائد قانون الكهرباء الجديد، يواجه القطاع الصناعي تحديات تنفيذية ومالية، حيث أوضح عايش أنها تشمل غموض التعليمات المتعلقة بـ سقف التخزين وآليات بيع الفائض، وارتفاع رسوم الترخيص والبيروقراطية، ما قد يقلل العائد المتوقع للمصانع، كما يشكل الدخول إلى السوق التنافسي صعوبة للمصانع الصغيرة مقارنة بالكبيرة، بينما يفرض القانون براءة ذم كهربائية عند بيع أو شراء العقار، ما يعرقل التوسع أو نقل الملكية، بالإضافة الى صعوبة التمويل وتقنيات التخزين غير الناضجة محليا وانها تعد مخاطر إضافية، مضيفا أن الجدل المجتمعي والتغيرات السياسية يؤثر على استقرار القواعد النظامية المعتمدة في خطط الاستثمار.