الذكاء الاصطناعي في السياحة.. تطور مهم يسهم بتنظيم القطاع وتحسين التوقعات

نبض البلد -

هلالات: الذكاء الاصطناعي بوابة الأردن نحو سياحة ذكية
البطش: التكنولوجيا الحديثة أداة للتخطيط وتحسين تجربة السائح

الأنباط – مريم البطوش

يشهد القطاع السياحي في الأردن تحوّلاً متسارعاً مع توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب التخطيط والإدارة، حيث يشير خبراء السياحة والتكنولوجيا إلى أن هذه الأدوات أصبحت وسيلة فعّالة للتنبؤ بالمواسم السياحية وتحليل البيانات المتعلقة بالحجوزات والرحلات الجوية والأحداث الموسمية، إضافة إلى إدارة الازدحام في الوجهات السياحية.
ويؤكد المختصون أن دمج الأنظمة الذكية لمراقبة حركة الزوار وتنظيم تدفقهم يسهم في تحسين تجربة السائح وزيادة الإيرادات من خلال استغلال الموارد بشكل أمثل، فضلاً عن دعم التخطيط الاستراتيجي لتوسعة المواقع وتنظيم الفعاليات.
ويعتبرون أن هذا التطور يعكس قدرة الأردن على مواكبة الابتكار التكنولوجي في القطاع السياحي، ما يضعه على طريق تعزيز كفاءته واستدامته المستقبلية.

التنبؤ بالطلب المستقبلي
وأكد الخبير السياحي حسين هلالات أن الأردن بدأ يدخل بقوة إلى عالم السياحة الذكية عبر الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن هذه التقنيات أصبحت جزءاً أساسياً في تطوير القطاع السياحي عالمياً، والأردن يعمل حالياً على توظيفها بشكل تدريجي.
وقال هلالات إن الذكاء الاصطناعي يساهم في تحليل بيانات السياح والتنبؤ بالطلب المستقبلي، مما يساعد على وضع خطط دقيقة تلبي احتياجات كل فئة من الزوار. وأوضح أن هذه الأدوات باتت قادرة على تقديم توصيات شخصية لكل سائح، مثل تحديد أفضل الأماكن التي تناسب اهتماماته، أو اقتراح أنشطة تتماشى مع مدة زيارته وميزانيته.
وأضاف أن الأردن يستخدم الذكاء الاصطناعي في التسويق السياحي الرقمي، من خلال إنشاء محتوى موجه لكل سوق مستهدف بدقة، إلى جانب الاستعانة بالروبوتات الذكية وبرامج المحادثة الإلكترونية (Chatbots) للتواصل مع السياح بلغات متعددة وتقديم معلومات فورية عن الفنادق والمطاعم والمواصلات والمواقع الأثرية.
وأكد هلالات أن الذكاء الاصطناعي يعزز تجربة السائح من خلال خدمات فورية، مثل الترجمة عبر التطبيقات وتسهيل عمليات الحجز، بالإضافة إلى استخدام تقنيات الواقع المعزز لإحياء المواقع الأثرية بصورتها التاريخية أمام الزوار، ما يضيف بعداً تفاعلياً فريداً للتجربة السياحية في الأردن.

وبيّن أن ما ينقص الأردن لتحقيق نقلة نوعية هو الاستثمار بشكل أوسع في مشاريع الذكاء الاصطناعي السياحي، مثل تطوير تطبيق وطني موحّد يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمة متكاملة للسياح، وتوسيع أنظمة الدفع الإلكتروني، واعتماد التذاكر الذكية، وتوفير شبكة إنترنت مفتوحة في المواقع السياحية، مؤكداً أن هذه الخطوات ستجعل تجربة الزائر أكثر سهولة وجودة.
وأشار هلالات إلى أن ربط السياحة الأردنية بالذكاء الاصطناعي ليس خياراً ترفيهياً، بل ضرورة لمواكبة المنافسة الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أن المملكة تمتلك مقومات سياحية كبيرة، ومع دعم التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي يمكن أن تتحول إلى وجهة رائدة على مستوى المنطقة.

محور أساسي في تطوير القطاع
من جانبه، يرى خبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المهندس هاني البطش أن توظيف هذه التقنيات أصبح اليوم محوراً أساسياً في تطوير القطاع السياحي، خاصة فيما يتعلق بالتنبؤ بالمواسم وإدارة حركة الزوار. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يمنح صناع القرار قدرة أكبر على التخطيط المسبق، ويساعد على رفع كفاءة تشغيل المواقع السياحية والفندقية.
وبيّن البطش أن التنبؤ بالمواسم السياحية يعتمد على تحليل كمّ كبير من البيانات المتراكمة من سنوات سابقة، مثل الحجوزات والرحلات الجوية والأحداث الموسمية، إلى جانب عوامل مؤثرة كأحوال الطقس والمؤشرات الاقتصادية وأسعار الصرف. وبفضل نماذج التعلم الآلي، يمكن تحديد أوقات الذروة بدقة، مما يتيح توزيع الموارد وتخطيط البرامج السياحية بمرونة أكبر.
وأضاف البطش أن إدارة الازدحام باتت ممكنة عبر المراقبة المباشرة للزوار باستخدام الكاميرات وأجهزة الاستشعار، إلى جانب أنظمة ذكية قادرة على توجيه السياح لمسارات أقل ازدحاماً أو تنظيم مواعيد الزيارة عبر الحجز المسبق. كما أن التنبيهات الفورية تساعد على إعادة توزيع الكوادر أو تعديل الجداول الزمنية، وهو ما يقلل التكدس ويضمن تجربة أكثر راحة للسائح.
وأشار إلى أن لهذه الحلول انعكاسات إيجابية واضحة، إذ تحسّن تجربة الزوار وتقلل من أوقات الانتظار، وترفع من الإيرادات عبر استغلال أفضل للموارد، فضلاً عن دورها في دعم التخطيط الاستراتيجي لتوسيع المواقع أو استضافة فعاليات جديدة.
أما بشأن جاهزية الأردن، أوضح البطش أن القطاع السياحي مهيأ جزئياً، خاصة في الفنادق الكبرى والمواقع الأكثر استقطاباً، لكنه ما يزال بحاجة إلى تطوير البنية الرقمية وتوفير قواعد بيانات شاملة ودقيقة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر أو التعاون مع شركات متخصصة.
وبيّن أن إنشاء منصة موحدة تربط مختلف الجهات السياحية سيمثل نقلة نوعية في هذا المجال، مؤكداً أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي سيمنح الأردن فرصة كبيرة لتعزيز تنافسيته إقليمياً ودولياً. وشدد البطش على أن الجمع بين التكنولوجيا الحديثة والمقومات السياحية المميزة سيجعل المملكة في موقع متقدم على خريطة السياحة الذكية.