"عين على القدس"يناقش المشروع الوحدوي الهاشمي في مواجهة المخطط الإسرائيلي
نبض البلد - ناقش برنامج "عين على القدس" الذي عرضه التلفزيون الأردني أمس الاثنين، المشروع العربي الإسلامي الهاشمي الوحدوي في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي، والدفاع عن القدس وفلسطين.
وقال الباحث المختص في الوثائق الوطنية والدراسات التاريخية، محمد يونس العبادي، إن للقدس مكانة عظيمة عند المسلمين، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى الرسول عليه السلام، مشيرا إلى أن الهاشميين يرون مكانة القدس من هذا المنطلق، باعتبارهم "ورثة العهدة العمرية" التي كان هدفها إعطاء الأمن والأمان للديانات الأخرى، ما يدل على أن الإسلام دين التسامح والألفة بين البشرية والأديان.
وأضاف أن مبايعة الشريف الحسين بن علي خليفة للمسلمين، والتي تمت في المسجد الحسيني بعمان والمسجد الأقصى المبارك ومكة المكرمة في آذار 1924، جاءت من جميع الطوائف الدينية والمشايخ الموجودين في ذلك الوقت، حيث كتبت البيعة بنسختين؛ تم الاحتفاظ بالأولى في الأقصى المبارك، فيما تم الاحتفاظ بالنسخة الأخرى في المجلس الإسلامي الأعلى، وبعد ذلك بدأت برقيات المبايعة تأتي من كل المدن الفلسطينية.
وأكد العبادي، أن البيعة جاءت للحفاظ على مكانة الخلافة لدى المسلمين، وأن الشريف الحسين عندما أعلن الثورة العربية الكبرى كانت بمثابة مشروع مواز ومقابل للمشاريع التي كانت تطرح للمنطقة ما بعد الحرب العالمية الأولى، وعلى رأسها اتفاقية سايكس بيكو والمشروع الصهيوني في المنطقة، إذ كان الشرق الأوسط محط أنظار وأطماع العالم في تلك الفترة، ما دعا "المتنورين العرب" منذ 1912 إلى البحث عن شخصية يبايعونها من أجل البدء بـ"مشروع عربي نهضوي" يقابل الطروحات العالمية التي كانت حول المنطقة كمشاريع.
وأوضح أن الجميع وجدوا أن الشريف الحسين هو الشخص العربي الوحيد القادر على قيادة هذا المشروع، كما أنه كان يعي تماما ما تواجهه المنطقة من أطماع.
ونوه بهذا الصدد إلى أن الشريف الحسين في مراسلات (الحسين – مكماهون) كان دائما يدخل فلسطين والقدس في مشروعه العربي (المملكة العربية) التي كانت تضم كذلك الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق.
وأضاف أن الشريف الحسين، شعر وقتها أنه كان يصطدم بمخططات أخرى عندما كان يجابه، خصوصا فيما يتعلق بفلسطين، حيث بدأ يستشعر الخطر الصهيوني عليها من خلال بريطانيا، ما زاده تصميما على تنفيذ مشروعه من أجل إنقاذ فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص.
وأضاف العبادي، أن موقف الشريف الحسين وإصراره على رفض مخططات بريطانيا حول فلسطين أدى إلى إبعاده ونفيه من المنطقة، ليكون "أول عربي يتم استبعاده من أجل القضية الفلسطينية في التاريخ"، مشيرا الى أنه تم دفنه في القدس بناء على وصية منه، أكدها الملك المؤسس عبدالله الأول، أحد أركان الثورة العربية الكبرى، حيث قال "أريد القدس وأنا حي.. وأريدها وأنا ميت"، وعليه، أصر رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني ومن معه من وجهاء القدس وفلسطين على القيام بجميع ترتيبات جنازته ووضع ضريحه في زوايا الأقصى المبارك، في جنازة تاريخية حضرها في ذلك الوقت أكثر من 30 ألف شخص، وفقا لما ذكرته الصحف وأكده المؤرخون آنذاك.
وقال إن الملك المؤسس عبدالله الأول، جاء إلى الأردن ليعيد بناء المشروع مرة أخرى، حيث كان أول عمل قام به في مؤتمر القدس مع تشرشل عام 1921 هو استثناء شرق الأردن من وعد بلفور، وقام بتأسيس إمارة شرق الأردن.
ونوه إلى أن جميع المشاريع العربية كمشروع سوريا الكبرى، والهلال الخصيب، ومشاريع المملكة العربية الكبرى، طرحها الهاشميون من أجل إنقاذ المنطقة من المشاريع المتدفقة عليها في تلك الفترة.
ولفت العبادي، إلى أن الجيش العربي الأردني قدم تضحيات كبيرة في سبيل الدفاع عن فلسطين والقدس، واستطاع الحفاظ على الضفة الغربية بما فيها القدس، من خلال الكثير من المعارك التي جرت في تلك المنطقة وعلى أسوار القدس.
ويشهد على ذلك مقابر الجيش الأردني التي ما تزال موجودة في تلك البقاع المقدسة، إضافة إلى جثامين شهداء الجيش العربي التي تم اكتشافها في العديد من الحفريات في القدس والضفة الغربية.
وشدد على أن كل ملك من ملوك بني هاشم قدم دفاعه عن القدس وفلسطين بحسب الظروف التي عاصرها، وكل منهم وقف صامدا أمام المشروع الصهيوني، وبقيت الأردن بقياداتها واقفة إلى جانب فلسطين وشعبها ولم تتخل عنها يوما، وذلك نابع من عقيدة راسخة لديهم بأن فلسطين يجب أن تكون عربية.
وحذر من أن الصراع العربي الإسرائيلي بلغ ذروته الآن مع تحوله من صراع قومي إلى صراع ديني، مشيرا إلى قول جلالة الملك عبدالله الثاني في إحدى لقاءاته: "صراع الأديان من أقوى الصراعات في العالم وأخطرها ضررا"، خصوصا مع وصول اليمين المتطرف الإسرائيلي إلى سدة الحكم وسعيه لتحويل الصراع إلى ديني، وهو ما يجد صدى كبيرا في الغرب، وهو الأمر الذي حذر منه المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، في خطابه عام 1986 عندما قال: "يجب أن نسرع في الحل السلمي لأن هنالك خطر تنامي اليمين المتطرف في الغرب قبل إسرائيل، والذي سيكون شريكا لها".
وشدد على أن مشاريع إسرائيل الكبرى لن تنجح، بل على النقيض، فإن إسرائيل سوف تتقلص لأن الشعوب في العالم لن تقبل ما تطرحه، وإن قبله بعض الحكام، لأن هذه الشعوب بدأت تدرك أن ما يحصل هو جريمة إنسانية لم تحصل تاريخيا، وبالتالي فهي سوف تنهي هذا اليمين المتطرف الذي خسر الكثير من الدعم العالمي وأصبح منبوذا على الصعيد الدولي نتيجة محاولاته اليائسة لتطبيق أساطيره المزعومة على أرض الواقع.
وأكد على أن الأردن ربط مصيره بمصير فلسطين، التي أصبحت قضيته الرئيسية، داعيا إلى الوحدة الوطنية والوقوف صفا واحدا خلف القيادة الهاشمية ومساندتها في حفظ الأردن والدفاع عن الحق الفلسطيني.