الطابور الخامس...

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

طابورٌ خامسٌ لا نهايةَ له، يضم جُموعاً من المتفرّغين للمزايدة على الآخرين عندما يصدر تصريح إسرائيلي يستفز المشاعر الوطنية. المُصطفّون في هذا الطابور ينتظرون بلهفة أي متطرف صهيوني يُصرّح للإعلام عن رؤيته المستقبلية لكيانه غير الشرعي، لا لمواجهته بخطاب وطني موحد بل لإجراء حملة تفتيش، فتجدهم يكتبون: أين الذين انتقدوا الإسلاميين لم نشاهدهم يهاجمون نتنياهو .. وأين الذين لم تعجبهم تصريحات القيادي (عِبيّان) لم يستفزهم ما قاله بن غفير .. وأين الذين برروا إسقاط الصواريخ الإيرانية لا وجود لهم حين تهدد إسرائيل أمن الأردن ؟

للعلم، يمكنك أن تنتقد الإسلاميين وإيران وقادة الفصائل والتنظيمات والأنظمة السياسية وغير ذلك من المقدسات السياسية، ورؤية إسرائيل كعدو في الوقت نفسه

لكن أنصار هذه، الكيانات المختلفة يحؤفون الرأي العام عن القضايا التي يُفترض أن تأخذ حقها الكامل في النقاش، فقط لتصفية حساباتهم الضيقة مع منتقديها، فهم يريدون تكريس قناعاتهم بأن من ينتقد مقدساتهم السياسية لا يعترف بإسرائيل كعدو، وهو ما يمنحهم أفضلية أخلاقية على غيرهم في منظور العوام. وعلى هذه الشاكلة، يستمر صدى التصريحات الإسرائيلية بالتردد، في الوقت الذي ينشغل فيه هؤلاء بالمزايدة على غيرهم من المواطنين الذين يقدّمون آرائهم الشخصية فيما يحدث حولهم، دون أن ينزلقوا إلى قاع الشعبوية أو ينساقوا مع القطيع الذي لا يعجبه وجود من يستقل عنه في قراءة الأحداث وتحليلها واتخاذ المواقف منها !