نبض البلد -
بقلم: اللواء المتقاعد هلال الخوالدة
مع الضوء الأخضر والغطاء السياسي المستمر الذي منحة ترامب لنتنياهو ضمنيا وفي الوقت الذي تتزايد فيه ضغوط الحرب المستمرة على قطاع غزة تحت مسميات متعددة اخرها الحسم والاحتلال الكامل، وفي ظل ما سببته الحرب من ضغوطات داخلية وانفسامات بين كافة المستويات الإسرائيلية وخاصة ما يراة الجيش من صعوبة الموقف وضغط الوزراء المتطرفون والاستمرار بالحرب وتعثر تحقيق الأهداف تتجه الأنظار داخليًا وخارجيًا إلى مستقبل الحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي يواجه الآن أحد أعقد التحديات في مسيرته حرب مفتوحة بلا أفق، وانقسامات داخلية، وتراجع في التأييد الشعبي، إضافة إلى تضييق الخناق عليه سياسيًا وقضائيًا ، فهل سينجح في التلاعب بالوقت وطرح الصفقات وافشالها وايهام المجتمع الدولي برغبتة في إيقاف الحرب وبالتالي امتصاص الغضب العالمي على سياساته في التجويع والقتل والتدمير؟ يتبين من خلال هذا التشابك الكبير داخليا وخارجيا ان نتنياهو والحكومة الإسرائيلية تترجح خياراتها ما بين ثلاثة سيناريوهات تختلف في مآلاتها العسكرية والسياسية والشخصية.
السيناريو العسكري – التصعيد الكامل وإعادة احتلال قطاع غزة .حيث يرى نتنياهوان هذا هو السبيل الوحيد الى الخروج من الازمه تصعيد العمليات وزيادة الضغط العسكري ضد قطاع غزة، وصولًا إلى احتلال كامل أو فرض إدارة عسكرية طويلة المدى وقد بدأت هذه الخطه تظهر بعد تصريحات نتنياهو ووزرائة المتطرفون وامر الجيش بوضع خطة لذلك ، وجاء هذا الحل كما يراة نتنياهو لاسباب عديدة أهمها خلق صورة نصر للشعب الإسرائيلي الغاضب الذي يرى أولوية اخراج الاسرى على الحسم ، ثم إرضاء قاعدة اليمين المتطرف داخل الائتلاف الحكومي، ويرى في هذا السيناريو تقويض قدرات حماس ، ومع هذا يبقى هذا السيناريو مكلف جدا حيث بدات المؤسسة العسكرية باقناع المستوى السياسي بالابتعاد عن هذا السيناريو وذلك لما يسبب زيادة اعداد القتلى من المدنيين الفلسطينيين مما سيؤدي إلى زيادة الادانة الدولية ، اضافه الى الخوف من التورط في مستنقع أمني طويل الأمد في قطاع غزة شبيهه بالتجارب السابقه التي أجبرت شارون الى ترك القطاع من جانب واحد إضافة ان هذا السيناريو يفرض واجبات كبيرة على المحتل وفقا للقانون الدولي (اتفاقيات جنيف ) .
السيناريو السياسي –الذهاب الى صفقة مشروطة وتهدئة مؤقتة. في هذا السيناريو، قد يُجبر نتنياهو على العودة إلى الطاولة السياسية عبر صفقة مشروطة لوقف إطلاق النار، تشمل تبادل أسرى، وإجراءات تخفيفية في غزة مقابل هدوء طويل الأمد، وستمارس ضغوط دولية من الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى ضغوط المؤسسة الأمنية في الداخل الإسرائيلي وأهالي الاسرى والمعارضه الاسرائيليه الذين لا يرون في الحرب وسيلة مثالية للحسم ، هذا السيناريو قد يمنح نتنياهو تحقيق انجاز واستعادة الاسرى وتخفيف الضغط الدولي والاممي الذي يتزايد بسبب المجاعة والقتل والتشريد التي تمارس في القطاع ، ولكن نتنياهو يرى فيه تنازلا عن الأهداف التي وضعها للحرب إضافة ان هذا السيناريو قد يؤدي الى تمرد الوزراء المتطرفون .
السيناريو الداخلي – السقوط السياسي والقانوني . امام هذا الضغط الكبير الذي يواجهه نتنياهو وحكومته داخليا في الشارع الإسرائيلي ، والأصوات المتزايدة داخل المؤسسة الأمنية والسياسية المطالبة باستقالته،والتي تتهمه دوما بان إطالة الحرب تستخدم كوسيلة خاصة للتملص من المحاسبة وإصلاح وضعه السياسي مما يضعه امام خطر حقيقي. كما أن ملفاته القضائية المتعلقة بالفساد، والتي تم تعليقها مؤقتًا بفعل الحرب لا تزال قائمة وقد تنهي حياته السياسية او ان يستقيل امام الضغط الشعبي المتزايد ، بالتالي فان حكومة اسرائيل نتنياهو تتأرجح ما بين البقاء والانهيار ورغم ان الرجل بارع في المراوغه والكذب لاجل البقاء السياسي ولو حتى على حساب أرواح جنوده وتعنته واستبداده في السلطه ، لكنه اليوم في مواجهة مع واقع مختلف فالجيش لم يمنحه حسما ولا نصرا منفردا ، والدعم الدولي بدأ يتآكل في ظل الوضع الإنساني المتزايد في القطاع ، والجبهة الداخلية تعاني من انقسام عميق ومعارضة للحرب ، وللمرة الأولى تبدو كل خياراته خاسرة، إذا صعّد الحرب كما يخطط ويصر على ذلك دخل في مأزق إنساني ودولي وخسائر بشرية في الجيش وقتل الاسرى ، وإذا فاوض وذهب الى صفقه خسر قاعدته المتطرفة، وإذا انتظر ... تفكك تحالفه وسقط من الداخل وازداد الانقسام والسخط من المؤسسات الأمنية خاصة الجيش .