خليل الحية… ناكرٌ للجميل وجاحدٌ لحقيقة الدور الأردني

نبض البلد -
بقلم : محمد نمر العوايشة 

من المؤسف أن يخرج علينا أحد قيادات حركة حماس في غزة، خليل الحية، بتصريحات تشكك وتسيء صراحة إلى الدور الأردني في دعم القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها دعم أهلنا في غزة، الذين لم يتخلّ الأردن عنهم يومًا، لا سياسيًا ولا إنسانيًا ولا حتى ميدانيًا. والأشد مرارة أن تصدر هذه التصريحات عن شخص تعلم وتخرّج من جامعات الأردن، وأكل من خيره، ثم تنكر له دون خجل أو حفظ للجميل.

لقد كان الأردن، ولا يزال، الثابت الحقيقي في معادلة القضية الفلسطينية، والموقف الصادق الذي لم يتلوّن، رغم تبدل المواقف الإقليمية والدولية. فهل نذكّرك، خليل الحية، بأن جلالة الملك عبد الله الثاني هو الصوت العربي الوحيد الذي لا يزال يضع القضية الفلسطينية، والقدس تحديدًا، في مقدمة أولوياته في كل محفل دولي؟ وهل تجهل أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي لم تتخلّ عن غزة حين انشغل عنها القريب والبعيد؟

إن الأردن لا يزاود على أحد، بل يعمل بصمت، ويدعم من منطلق الواجب والتاريخ والموقف الأخلاقي. ومن مظاهر هذا الدعم أن القوات المسلحة الأردنية نفّذت عمليات إنزال جوي محفوفة بالخطر، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قلب غزة المحاصرة. وهي عمليات لم تكن استعراضًا كما تدّعي، بل مخاطرة حقيقية لإنقاذ الأرواح تحت القصف والجوع، حين عجز الكثيرون حتى عن إصدار بيان تضامن.

غزة، التي تحاول تصويرها وكأنها منسية، تعيش اليوم على مساعدات أردنية متواصلة: من مستشفى ميداني أردني ثابت على أرضها منذ سنوات، إلى علاج أطفالها المصابين بالسرطان في مستشفيات المملكة، إلى مبادرة "الأمل” لتركيب الأطراف الصناعية لضحايا العدوان، إلى المخابز الأردنية التي تعمل وسط الدمار، وقوافل الغذاء والدواء التي لم تتوقف حتى في أحلك الظروف.

فأي وقاحة سياسية تسمح لك، خليل الحية، أن تتهم هذه الجهود بالتضليل أو التجميل؟ وهل بلغ بك الحقد أو الحسابات الضيقة أن تنكر المستشفيات الأردنية على أرض غزة؟ أو تتجاهل التعليم الذي تلقّيته شخصيًا في أحضان الأردنيين؟ أليس من الخزي أن تنكر فضل من منحك فرصة التعلم والنجاة، وأن تهاجم من يقف مع أهلك وأرضك ودمك؟

إن الأردن لا ينتظر شهادة حسن سلوك من حماس أو غيرها. فهو يفعل ما يمليه عليه ضميره القومي والإنساني، ولا يبتغي مدحًا أو شكورًا. لكنه لا يقبل في الوقت ذاته أن يُطعَن في ظهره من شخص جاحد، أو أن تُمسّ كرامته الوطنية من قبل من يفترض أنه شريك في المعاناة والنضال.

وختامًا، نقول: غزة أكبر من خليل الحية، وأشرف من كل خطاب مشوّه. وهي تعرف من وقف معها وقت المحنة، ومن تاجر بها في المؤتمرات. وإن كانت الذاكرة خانتك يا خليل، فغزة لا تنسى، ولا الأردنيون ينسون من نكث العهد وجحد المعروف.