نبض البلد - مِن المؤكد بأن إسرائيل كدولة احتلال تسيطر حاليًا على كامل أرض فلسطين بما يشمل الضفة الغربية وغزة والداخل، وهي كقوة أمر واقع صاحبة القرار المنفرد والمدعوم بقوة فائقة بما يتعلق بفتح أو غلق المعابر باتجاه غزة والضفة، وهي تمتلك القدرة والقوة الفتاكة لقصف وتدمير ومنع أي شيء أو تصرف يخالف تلك الإرادة المتوحشة.
اتهم ناتانياهو مصر بأنها هي التي تغلق المعابر تجاه غزة، كمحاولة خبيثة لتبرئة إسرائيل وإلصاق التهمة بمصر، وهو عملانيًا كان يقصد ضرورة فتح المعابر باتجاه واحد وهو لخروج وتهجير أهل غزة لمصر كما تتضمنه الخطة، وهنا تتداخل الرواية الصهيونية مع الخطاب الشعبوي العربي الذي يريد فتح المعابر للتهجير وليس للمعونات بطبيعة الحال، والدليل هو قافلات الإغاثة العالقة لشهور على المعابر ولا يسمح لها بالدخول تحت ذرائع مختلقة ومتنوعة تتجدد كل مرة برواية إسرائيلية منفردة، مرةً بسبب العمليات العسكرية، ومرة بسبب عصابات النهب، ومرة بسبب عرقلة الإسرائيليين للقوافل وإتلافها.
إن استمرار (جامعي الإعجابات والمشاهدات من الإعلاميين والبسطاء والمأجورين والعملاء) باتهام مصر أو الأردن بأنهما هما من يمنع أو يغلق المعابر هو كلام خطير ومنسجم مع الرواية الإسرائيلية بالكامل؛ فهذا بمثابة تبرئة للإسرائيليين وناتانياهو كرئيس حكومة، وإدانة للأردن ومصر!.
القضية ببساطة أن أي معبر في العالم له وجهين لدولتين، و لا يمكن فتحه إلا بموافقة الطرفين معًا، وهذا لا يتحقق في ظل توحش إسرائيل ونشوة النصر المطلق بعد سحق إيران ولبنان وسوريا واليمن وغزة والضفة في عام واحد فقط.
اليوم البعض من هواة الكلام يقترح دخول العرب بحرب شاملة ضد إسرائيل، وهذا مقترح تم تجريبه في ثلاث مرات وكانت نتيجته كارثية في أعوام 1948 & 1967 & 1973 ولا داع لتكرار التجربة حيث أن ناتانياهو اليوم يتمنى إكمال الحرب لسحق ما تبقى من قوى عربية محيطة أمامه لاستكمال المشروع الصهيوني. اليوم نحن في حالة غياب الواقعية في زمن الهزيمة والتفكك.
د. حسين البناء
أكاديمي وكاتب