الخزاعي: على الأهالي منع الأطفال من متابعة الأحداث العنيفة عبر الشاشات
بني مصطفى: شعور الأطفال بالخوف نابع من استمرارية نمو عقولهم
الأنباط – آية شرف الدين
في ظل التوترات الأمنية في المنطقة وتكرار انطلاق صافرات الإنذار، لم تعد هذه الأصوات مجرد تحذيرات من خطر محتمل، بل تحوّلت لدى البعض إلى لحظة مزاح، بينما تشكّل بالنسبة للأطفال مساحة نفسية معقدة من الخوف والارتباك، تتفاوت ردود الفعل تجاهها بين القلق المشروع والسلوك الدفاعي التهكمي.
ويرى خبراء نفسيون أن تعامل الأطفال مع الموقف بالسخرية والمزاح يعد وسيلة دفاع نفسي لمواجهة مشاعر الخوف، داعين الأهل إلى تفهّم هذه السلوكيات ومساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره بشكل سليم.
وشددوا على أن طريقة تفاعل الأهل مع هذه المواقف تلعب دورًا محوريًا في تهدئة الطفل أو تأزيم حالته.
الخزاعي: صور الدمار خطر نفسي كبير على الأطفال
أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي حذّر من تعرّض الأطفال لمشاهد القصف والدمار والضحايا التي تبثها وسائل الإعلام أو تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مشددًا على أن هذه المشاهد قد تُحدث اضطرابات نفسية وسلوكية طويلة الأمد.
ودعا الخزاعي الأهالي إلى منع الأطفال من متابعة تفاصيل الأحداث العنيفة عبر الشاشات، مؤكدًا ضرورة أن يكون الوالدان قدوة في التعامل الهادئ والمسؤول مع الأخبار، وتجنّب تهويل الأمور أو التعامل معها بسخرية، لأن الأطفال يراقبون ويقلّدون.
كما شدد على خطورة اصطحاب الأطفال إلى أسطح المنازل لمراقبة الطائرات أو الصواريخ، قائلًا: "ما يراه الكبار عاديًا قد يُخزّن في ذاكرة الطفل كصدمة دائمة."
وأضاف أن المجتمع الأردني مطالب بالاستعداد النفسي لموجات تصعيد قادمة، مؤكدًا: "ستأتي ليالٍ طويلة وقاسية على الأردنيين، ويجب التعامل مع المرحلة بوعي وحذر."
الدهون: السخرية آلية دفاع عند الأطفال
وفي السياق ذاته، أشار المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون إلى أن تأثير صافرات الإنذار على الأطفال يختلف باختلاف أعمارهم. فالأطفال الأصغر سنًا قد يشعرون بالخوف والهلع والبكاء فور سماع الصفارات، في حين يعبّر الأكبر سنًا عن توتر أقل لكن ملموس.
وأوضح الدهون أن بعض الأطفال يتعاملون مع الموقف بالسخرية والمزاح كوسيلة دفاع نفسي لمواجهة مشاعر الخوف، داعيًا الأهل إلى تفهّم هذه السلوكيات ومساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره بشكل سليم من خلال الحوار والشرح المناسب لعمره.
ولفت إلى ضرورة أن يكون الأهل قدوة في التعامل مع المواقف الصعبة، وأن يبثّوا الطمأنينة في نفوس أطفالهم، مشيرًا إلى أهمية استشارة المختصين إذا ظهرت على الأطفال علامات اضطراب مثل نوبات الغضب أو التبول اللاإرادي أو صعوبات التركيز.
بني مصطفى: الخوف طبيعي وعقولهم ما زالت تنمو
من جهتها، أوضحت الاستشارية النفسية والتربوية د. مرام بني مصطفى أن مشاعر الخوف والارتباك طبيعية لدى الأطفال عند سماع أصوات الإنذارات أو في أوقات الأزمات المفاجئة، نظرًا لأن عقولهم لا تزال في طور النمو، ولا يستطيعون التمييز بوضوح بين الخطر الحقيقي والمحتمل.
وأكدت أن طريقة تفاعل الأهل مع هذه المواقف تلعب دورًا محوريًا في تهدئة الطفل أو تأزيم حالته، موصية بالتحدث معهم بلغة بسيطة وهادئة، وطمأنتهم جسديًا وعاطفيًا، قائلة: "الأحضان والكلمات الدافئة مثل: أنا معك.. ما رح أتركك، تمثل حاجز أمان حقيقي للأطفال."
ودعت بني مصطفى إلى تشتيت انتباه الطفل بنشاطات مريحة مثل الرسم أو القصص، والابتعاد عن الصمت أو التهويل في الرد على أسئلتهم، مشيرة إلى أن بعض ردود الفعل مثل التبول الليلي أو التعلّق المفرط بالوالدين أو نوبات الغضب، تعد طبيعية في مثل هذه الظروف، لكنها تحتاج إلى تدخل مختص في حال استمرارها.
التربية في أوقات الطوارئ.. كيف نهيئ أطفالنا نفسيًا؟
شددت بني مصطفى على ضرورة دمج موضوع "الطوارئ" في التربية دون إثارة الخوف، من خلال التمارين البسيطة حول كيفية التصرف عند سماع الإنذار، وتشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بحرية، مع تقنين المحتوى الإعلامي الذي يتعرضون له.
واختتمت حديثها بالقول: "الأمان لا يُمنح فقط بالجدران أو الأبواب المغلقة، بل بالحب، والحضور، والصوت الهادئ."