من غزة إلى طهران: كيف تتفوق إسرائيل على خصومها؟

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

تخطف إسرائيل الأنظار مع كل عملية أمنية تجريها، فهي تثبت للعالم أن الشرق الأوسط مسرح مفتوح لعملياتها البسيطة والمعقدة والقريبة أو البعيدة، وأنها قادرة على ردع خصومها سواء كانوا دولًا أو ميليشيات.

 

ذروة التفوق الأمني الإسرائيلي تجلّت في عمليتها الأخيرة التي أجرتها داخل الأراضي الإيرانية، لتُطيح بزمرة من علماء وقادة بلاد "فارس" في مشهد لم يكن متخيلًا إلا في السينما الأميركية.

 

رغم أن الدعم الأميركي الواسع لإسرائيل يتيح لها التوسع في عملياتها العسكرية والأمنية خارج الحدود التي تحتلها بثقة عالية، ولكن من الضروري ألا يتم اختزال تفسير أسباب التفوق الإسرائيلي الشامل على خصومها بهذا العامل، بل يجب أن يتعدى ذلك ليشمل بنية النظام الإسرائيلي نفسه الذي يستثمر في التكنولوجيا ويحوّلها إلى رافعة تخدم النشاط الاستخباري الذي يوفّر المعلومات المهمة والدقيقة التي تغيّر سير المعارك والحروب وتتيح لمن يحصل عليها القدرة على كسب الأفضلية الاستراتيجية إذا تمكّن من استغلالها بذكاء وبسرعة فائقة. يُضاف إلى ذلك أن حالة التجزئة والتشظي والتنافس والصراع على المستويين العربي والإقليمي أتاح لإسرائيل اللعب على التناقضات واستغلال الخلافات العربية - العربية، والعربية - الإيرانية، والعربية - التركية، وغيرها لضمان تفوقها في المنطقة وإشغال خصومها في خلافات مع جيرانهم من العرب وغير العرب، وبذلك تمكنت من تهيئة البيئة الإقليمية لبناء مشروعها الذي لا يتعارض مع المصالح الفلسطينية أو العربية فقط، وإنما يتعارض أيضًا مع مصالح دول المنطقة برمّتها.

 

منذ 7 أكتوبر 2023، تنقلت إسرائيل ببراعة من جبهة إلى أخرى من جبهات "محور المقاومة" وأعادت هندسة الواقع الأمني في كل جبهة منها ضمن مخطط بناء الشرق الأوسط الجديد، ولم يعد أمامها سوى الوصول إلى إيران التي تُسمّى في الأدبيات الإسرائيلية "رأس الأخطبوط" بعد إضعافها أذرعه الإقليمية وقطع بعضها. ستنهي إسرائيل حربها الدموية في المنطقة فقط عندما تضمن أن إيران لن تدخل نادي الدول النووية، أو تسقط نظامه الثيوقراطي وتبني نظامًا جديدًا يكون قادرًا على التكيف مع شروطها ومتطلباتها الأمنية.

 

عربيًا، لا بد من ملء الفراغ الاستراتيجي بتوليد رؤية مشتركة ترد الاعتبار للمنطقة العربية وتمنع تبادل أدوار اللاعبين الإقليميين بالهيمنة عليها.