نبض البلد - سينما "شومان" تعرض الفيلم الهندي "قصة المليار لون" غدا
عمان 16 حزيران- يطرح فيلم "قصة المليار لون"، للمخرج بادما موكار، الذي تعرضه لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان، يوم غد الثلاثاء، الساعة السادسة والنصف مساء، في مقر المؤسسة بجبل عمان، حكاية عائلة عائدة من استراليا إلى الهند، حيث الأب المسلم "عمران" والأم الهندوسية "بارفاتي "، وابنهما "هاري".
تعارف الأب والأم أثناء دراستهما للسينما في استراليا، وعادا للوطن، وهما يحملان مشروعا عن الهند التي في البال، بشاعريتها وتنوعها، لكنهما يصطدمان بواقع قائم على التعصب والتمييز على أساس الدين والتقسيم الجغرافي في داخل البلد الواحد. هكذا عندما تصطدم الذاكرة المحملة بصورة الوطن المشتهى بواقع هو أقرب إلى كابوس من الاقصاء، والتمييز، والتعصب، والعنف، عندها تكون الأزمة الحقيقية للإنسان الباحث عن حياة طبيعية محكومة بقيم الحب والخير والجمال.
يفتح الفيلم على صوت الراوي "الابن هاري"، الذي يحمل ثقافة ورؤية والديه المتجانسة، وهو يحكي عن جمال ألوان السماء والبحر والشجر في الهند، ورغم أن كل واحد من الوالدين ينتمي إلى ديانة مختلفة، إلا أن هذا الانتماء لا يؤثر اطلاقا على نظرتهما للآخرين، وعندما تسأل معلمة الصف، عن دلالات الوان العلم الهندي، فإن إجابة "هاري" تعكس رؤية لها علاقة بالتنوع والجمال والتسامح، دون أن يشير إلى الدلالات التي أصبحت سائدة عن اللون الزعفراني والأخضر للعلم "الهندوسية والإسلامية"، مما يثير استغراب وانزعاج المعلمة، وحتى زملائه في الصف.
هذه هي الأرضية التي يبني عليها المخرج فيلمه، فهو عاد من استراليا وهو يحمل أحلاما يريد تحقيقها من خلال فيلم يجتمع حوله الجميع بمختلف تلاوينهم، لكن حاجته للمال، وبيعه للبيت، حتى يوفر جزءا من ميزانية انتاج الفيلم، تجعله يواجه ما كان مستترا وغائبا عنه، فعندما يبحث عن بيت يستأجره، يكتشف أنماطا من العلاقات لم يكن يألفها أو يعرفها، فهو لا يجد القبول في الأحياء الهندوسية، رغم أن زوجته تنتمي لنفس الديانة، ونفس الأمر يواجهه في الأحياء الإسلامية حيث التشدد والتعصب والتدخل في لباس زوجته ونمط حياته.
طبيعة العلاقات المتوترة في المجتمع، تزيد من تعقيد حياة الأسرة، سواء على مستوى العيش وسط هذه الأجواء المنفلتة، أو على مستوى انتاج الفيلم الذي لم يجد الدعم من الممولين، لكنهما رغم ذلك يقبضان على جمر الحلم، في إصرار على استكمال فيلم عن الهند التي في البال، الهند التي يحبها الجميع. وحين يجدون الممول الذي يحمل أفكارا تنسجم مع رسالة الفيلم، فإن المتعصبين يغتالونه في مكتبه.
يقوم الصبي"هاري" بتصوير فيديو بمساعدة صديقته "صوفيا"، يطلب فيه الدعم للفيلم ولو بأي مبلغ، ويبثه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رسالة يطلب فيها المساعدة بإنجاز فيلم عن الهند التي نحبها، ومساعدته في تحقيق حلم والديه، لكن الأمور لا تسير كما يريد، بل يتنامى العنف، ليموت "هاري" برصاصة أحد المتعصبين، كان والده هو المقصود بها.
فيلم "قصة المليار لون"، يحمل رسالة من المخرج إلى بلد فقد توازنه في تجاذبات الاحتكاكات الطائفية، واللجوء إلى العنف، والتعصب.
كان اختيارا موفقا للمخرج من الناحية الفنية، أن يلجأ إلى التصوير بالأبيض والأسود، حتى لا يكون هناك رموز لونية لها مرجعيات طائفية تدعو للإنقسام، وكذلك توظيف صوت الراوي الصبي "هاري"، الذي ما يزال على الفطرة، لا يرى الألوان التي استجدت على المجتمع الهندي بسبب الاستعمار، والسياسيين، فالألوان بالنسبة له هي معايير للجمال، وتعبير عن الحب في صورته الإنسانية البسيطة، بعيدا عن أي توظيف أو تصنيف يخص المسلمين والهندوس والطوائف الأخرى.
قدم شخصية الأب "عمران"، الذي تواجه هذه الانعطافات الحادة في بلده التي يحب، بنوع من الدهشة وعدم استيعاب هذه التغيرات التي تنخر في مجتمع فقد مرجعياته، وقفز فوق ما هو مشترك بين مكوناته، إلى خانات ضيقة من التعصب والعنف والطائفية.
المشهد الأخير جاء ليعمق مأساة متوالية العنف، وفساد السلطة، وتلك الذكريات الملونة، الممزوجة بالحزن الشفيف، من خلال فيديو نداء الأبن "هاري" لدعم تمويل الفيلم من أجل "الهند" قبل أن تفقد شاعريتها، هذا النداء الذي جمع "130" مليون روبية، في دلالة على أن غالبية الناس، مع الحب، بعيدا عن الضغائن والتشاحن.