حسين الجغبير
لو أجرينا دراسة لعدد المرات التي حذر منها الأردن من أن المنطقة ستعيش فوضى وعدم استقرار وتوتر ما لم يتحرك المجتمع الدولي بقيادة أميركية للضغط على دولة الاحتلال لتحقيق حل الدولتين، لوجدنا مئات الخطابات والتصريحات لجلالة الملك بهذا الإطار ومنذ زمن طويل يعود لسنوات عديدة.
الملك الأكثر دراية بتفاصيل المنطقة وملفاتها لم يترك جهدًا دبلوماسيًا إلّا وقد طرق بابه، حيث زار دول العالم لمرات عديدة وهو يحمل ذات الرسائل التحذيرية من المنطقة تُجر إلى الخراب بفعل حكومة الاحتلال الأكثر تطرفًا بتاريخ دولة الاحتلال، والتي لا تنفك عن التصعيد العسكري في كل مكان مخالفة للقانون الدولي وضاربة بعرض الحائط النداءات الدولية لوقف أعمالها العسكرية.
لكن للأسف، بقيت تحذيرات الملك دون دعم من الدول العربية إلّا بحدود دنيا كذر الرماد بالعيون، وانشغلت كل دولة بمصالحها وأولوياتها دون أن تدرك أنها جزء أصيل في منطقة تشتعل بنيران الحروب التي تقوم بها الدولة الصهيونية، فوجدنا صمتًا أمام حرب الإبادة في غزة، ولبنان، وشاهدنا إسرائيل تتوغل في دمشق دون تحريك ساكن إلا عبر تصريحات وبيانات شكلية.
وها هي المنطقة تشهد حربًا لا مثيل لها بين إيران ودولة الاحتلال وقد تتوسع إلى نطاق أكبر، حيث بدأ جلالة الملك حراكًا دبلوماسيًا كبيرًا للتأكيد مجددًا أن العدوان الصهيوني على إيران ومخالفة القانون الدولي له تبعات سلبية كبيرة على المنطقة، لعل وعسى أن يستوعب الجميع التحذيرات الملكية مما يجري، وضرورة طي ملفات حساسة بالمنطقة، واللجوء إلى الدبلوماسية والمفاوضات باعتبارها أنجع الطرق لحل الأزمات بعيدًا عن الدمار والقتل والخراب والدماء المتناثرة.
العالم يقف اليوم صامتًا، لكنه سيدرك أنه ما حذر منه الملك سابقًا وقد تحقق أمامنا اليوم، هو ذاته الذي يحذر منه الملك في حراكه الدبلوماسي الجديد وعلى الجميع أن يعلم أن دفع ثمنه هذه المرة سيكون غاليًا وكبيرًا على جميع الأطراف.
دول المنطقة ستدخل دوامة الفوضى بشكل مباشر أو غير مباشر، سياسيًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا أو اجتماعيًا، أو بكل ذلك، والبقاء دون حراك جماعي لن يخدم أحدًا، ولن ينفعنا التحرك حينها لأن الوقت سيكون قد فات، وبدأت إسرائيل بأطماع جديدة وأهداف جديدة، لتحقيق هدف دولة الاحتلال بمنطقة شرق أوسطية جديدة هي المهيمنة فيها.