نبض البلد - خلدون خالد الشقران
في حزيران نكتب التاريخ: الثورة، العرش، والجيش
في شهر حزيران، نُعيد كتابة صفحات المجد في تاريخ وطننا
هذا الشهر يحمل بين طياته ثلاث علامات بارزة لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة شعبنا: العرش الذي ظل رمزًا للحكمة والقيادة، الثورة التي أرست أسس دولتنا، والجيش الذي يحمي كرامتنا ويصون حاضرنا، كل واحدة منها تحمل قصة وطن، ووجهًا من وجوه الكرامة، وتؤرخ لمرحلة صنعت حاضرنا وتبني مستقبلنا .في حزيران، نحن لا نقرأ التاريخ فقط، بل نشارك في كتابته بحروف من فخر وانتماء.
عيد الجلوس الملكي: استمرار الحكمة وتجدد العهد
في التاسع من حزيران من عام 1999، تولّى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية ملكًا للمملكة الأردنية الهاشمية، بعد رحيل القائد الباني المغفور له الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه. لم يكن هذا اليوم مجرد انتقال للسلطة، بل كان بداية عهد جديد حمل معه رؤى عصرية وخطط إصلاحية شاملة على كافة المستويات.
ومنذ ذلك اليوم، لم يتوقف قطار التنمية، ولم تخفت نبرة الإصلاح. فقد حمل جلالته على عاتقه قضايا الشباب، والتعليم، والاقتصاد، والتكنولوجيا، وجعل من وطننا صوتًا عاقلاً في عالم مضطرب، ومنبرًا للسلام والاعتدال.
واليوم، نلمس أثر هذا العهد في المشاريع الكبرى، وتمكين الشباب، وفي الحضور القوي في المحافل الدولية. إن عيد الجلوس هو لحظة نجدد فيها العهد، ونقيّم ما تحقق، ونتطلع إلى المستقبل بعزيمة أقوى.
ذكرى الثورة العربية الكبرى: جذور الدولة ورسالة النهضة
قبل أكثر من قرن، انطلقت من الحجاز ثورة حملت أحلام العرب وطموحاتهم نحو التحرر والوحدة. كانت الثورة العربية الكبرى التي أعلنها الشريف الحسين بن علي في 10 حزيران 1916 بدايةً لمشروع نهضوي عربي، في وجه التتريك والتهميش الذي مارسته الدولة العثمانية على شعوبنا.
وفي الوقت الذي خبت فيه شعلة تلك الثورة في كثير من الأقطار، بقيت مشتعلة في وجداننا نحن الأردنيين، لأنها كانت الأساس الذي قامت عليه دولتنا. فالجيش الذي خرج من رحم الثورة، والقيادة الهاشمية التي قادتها، والمبادئ التي أرستها – من استقلال القرار، والحرية، والكرامة – أصبحت مكونات هويتنا السياسية.
واليوم، نعيش مبادئ تلك الثورة في مواقف دولتنا، وفي تمسكنا بالقرار المستقل، ودفاعنا عن قضايا أمتنا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فالثورة لم تبقَ حكاية من الماضي، بل تحولت إلى نهج نحياه ونؤمن به.
يوم الجيش: سلاحٌ من تراب الوطن
في اليوم نفسه، نحتفل أيضًا بيوم جيشنا العربي، تخليدًا لبطولات جنودنا ومآثرهم، وخاصة في معارك الشرف التي خاضوها دفاعًا عن فلسطين والقدس.
جيشنا لم يكن يومًا مجرد مؤسسة عسكرية، بل هو العامود الفقري للوطن ، وحصنه الحصين. في السلم كما في الحرب، نراه حاضرًا: يبني، يحمي، ويغيث. في الزلازل، في الأوبئة، في الفقر، وفي الحدود، هو درع الدولة وسند المواطن.
واليوم، نراه يواصل أداء رسالته في حماية الأمن والأستقرار ، ويشارك في مهام حفظ السلام، ويقدم العون الإنساني داخل الوطن وخارجه. إنه جيش العقيدة والانتماء، الذي لا يخذل شعبه أبدًا.
ثلاث مناسبات، وطن واحد
عيد الجلوس، الثورة العربية، ويوم الجيش… ليست أحداثًا متفرقة، بل حلقات متصلة في سلسلة تاريخنا الوطني؛ فيها نرى الدفاع عن الكرامة، وبناء الدولة، وتجديد الأمل.
في حزيران، نرفع رايتنا عاليا بفخر واعتزاز. نكتب التاريخ بأفعالنا وأحلامنا، مستمدين قوتنا من العرش، متسلحين بموروثنا من الثورة، وحمايتنا من جيشنا الباسل. فالوطن بالنسبة لنا ليس مجرد جغرافيا، بل هو قصة نكتبها معًا كل يوم، ومناسبات كهذه تذكّرنا دائمًا بأن الأردن، وإن كان صغير المساحة، فهو عظيم الرسالة