نبض البلد - قائد العهد، وراعي المسيرة
منصور البواريد
تغمرنا في هذا اليوم مشاعر الفخر والاعتزاز، ونحن نحتفل بالذكرى السادسة والعشرين لجلوس صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، على العرش.
ليست المناسبة مُجرَّد مرور زمن، بل هي علامة فارقة تتكرس فيها قيم الولاء والانتماء، ويتجدد العهد بين الشعب وقيادته، كما يتجدد الإيمان بأنَّ الأردن قصة تُروى بإرادة الصامدين، لا بتقلبات الظرف ولا بإملاءات الخارج.
ستة وعشرون عامًا من الثبات والعزم والبصيرة، وقف فيها الأردن على خطوط النار الجيوسياسية، لكنه لم ينكسر، لم يكن الحياد ضعفًا، ولا الحكمة ترددًا، بل كانت كلها سلوكيات قائد يُدير المشهد بدقة الجراح، ويقرأ التحولات بعين الخبير، ويضع مصلحة وطنه قبل كل شيء،، فالموقع الجغرافي للأردن لم يكن يومًا مصدر راحة، لكنه تحول، بفضل القيادة، إلى نقطة توازن واستقرار وسط بيئة مليئة بالاضطراب.
ومنذ اليوم الأول، لم يكتفِ جلالة الملك بأن يكون رمزًا دستوريًّا، بل كان قائدًا ميدانيًّا، يشارك أبناء شعبه همومهم، ويزور الثكنات والقرى والمخيمات والمصانع والمدارس والجامعات..، ويُصغي لمطالب الشباب، ويخوض المعارك السياسية من أجل قضايا الأردن، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والعيش بكرامة وعدالة.
لقد شهد عهد جلالته سلسلة من التحولات الجوهرية على مختلف المستويات، فعلى الصعيد الداخلي، تم العمل على إصلاحات سياسية واقتصادية ومؤسسية، وتم العمل على تطوير هذهِ القطاعات ودمج الذكاء الاصطناعي بهذه القطاعات.. ورغم التحديات الكبيرة والصدمات المتتالية التي عصفت بالعالم والمنطقة، من حروب ونزاعات وأزمات لجوء وتداعيات اقتصادية متراكمة، ومع ذلك، ظل الأردن متماسكًا، لأنَّ بوصلته لم تنحرف، ولأنَّ قائده كان دائمًا في مقدمة الصف.
أما على الصعيد الخارجي، فقد احتفظ الأردن بمكانته كصوتٍ عقلانيٍّ نزيه، وموقفٍ مستقل واضح، يحظى باحترام الدول الكبرى والشعوب في آنٍ معًا.
وقد تمكن جلالة الملك من ترسيخ صورة الأردن كبلد صغير في حجمه، كبير في قيمه، راسخ في مبادئه، لا يتورط في مغامرات عبثية، ولا يتخلى عن قضاياه المصيرية.
وفي هذهِ الذكرى العزيزة، لا نحتفل بسنوات تمضي، بل نحتفل بقدرة هذا الوطن على البقاء متماسكًا، واقفًا، معتزًا، على الرغم من كثرة التحديات، نحتفل بقائدٍ استثنائيٍّ، جمع بين الهيبة والتواضع، وبين الحزم والرحمة، وبين الإخلاص لثوابت الأمة والانفتاح على آفاق التحديث والعصر.
إنَّها لحظة للتأمل والامتنان، لحظة نقف فيها احترامًا لمسيرة مليئة بالعطاء، ومسؤولية تتطلب منا أن نكون على قدر الحلم، وعلى قدر الثقة التي وضعها جلالة الملك في أبناء وبنات هذا الوطن.
وبهذهِ المناسبة الوطنية الغالية، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، سائلين الله العلي القدير أن يحفظ جلالته، ويُديمه سندًا وذُخرًا للأردن، وللأمة العربية والإسلامية، وأن يوفقنا جميعًا لما فيه رفعة هذا الوطن وصون مستقبله.
كل عامٍ وجلالتكم بخير، وكل عامٍ والأردن أعز وأقوى بقيادتكم الحكيمة.