العراق والأردن "وحدة حال" !

نبض البلد -
د. حازم قشوع
 
صحيح أن ديربي الهلال الخصيب له طعم تنافسي و مذاق كروي مختلف، لكنه يبقى ديربي بين الأقرب فى الجوار والثقافة وهذا ما يجعل من ديربي الهلال الخصيب ديربي ساخن كونه يحمل عنوان للقمة، لكنه يبقى بين الاهل والاخوه وهم الذين كانوا قبل أقل من خمسين عام يحملون ذات الإطار الناظم الذي عنوانه كان هاشمي وحدوده كانت غير مرسمة بين جغرافية الأردن والجغرافية السياسية للعراق، ولهذه الاعتبارات المنهجية والجمل السياسية والحضارية كانت العلاقات الاردنية العراقية وستبقى فى ظروف علاقة تحمل سمة "وحدة حال"، فما يضيم الشعب العراقي يغضب الشعب الاردني وما يفرح الشعب الاردني يغبط الشعب العراقي، تلك هى قوام العلاقة بين الشعبين كما بين البلدين بدلالة العمق الاستراتيجي العراقي للأردن.
 
ان الأردن وهو يستقبل المنتخب العراقي البطل إنما ليستقبله وكله أمل أن يلحق المنتخب العراقي في المنتخب الأردني للتأهل للمونديال القادم فى الملحق القادم، حتى تبقى فرحة الهلال الخصيب فرحه جامعة ومتصلة بين بغداد المنصور وعمان هاشم لما يشكله العراق من اضافه نوعيه للكره العربيه والاسيويه، ولما يحمله المنتخب العراقي من امال فرح للشعب العراقي كما للهلال الخصيب والأمة العربية، وهذا ما يجعل آمال الشعب الاردني تجاه الأشقاء فى العراق امال وحدة حال بين الشعبين الشقيقين الجارين، وهى الصورة التى ستسقط بظلالها على المباراة التى تجمع العراق فى الاردن فى استاد عمان الدولي.
 
اذ يتوقع ان يتم ترسيم استقبال المنتخب الاردني في داخل الملعب من قبل المنتخب العراقي ضمن مراسم شرف، كما سيتم رفع معنويات المنتخب العراقي من قبل الجماهير الاردنيه وتكريمهم ضمن أجواء احتفالية يشارك فيها العراق أفراح الأردن فى التأهل للمونديال لأول مرة كما قام الشعب الاردني فى السابق بتشجيع المنتخب العراقي والثناء على منجزاته الآسيوية والموندياليه، وهذا ما يجعل من الحكومة الأردنية تقوم برفع التأشيرات لتسهيل مهمة وصول المشجعين من العراق، مع ان مشجعين العراق الموجودين في الأردن سوف يقومون بهذا الدور فهم يعيشون معنا و يشاركوننا افراحنا واتراحنا، فهم منا ونحن منهم كما كانت العلاقة بين الشعبين قائمة منذ قيامة نوح وستبقى على هذا الحال حتى قيامة المسيح.
 
ان العراق وهو يشارك الاردن احتفالاته في بلوغ المونديال لأول مرة بعد انتهاء المباراة الأخوية التى تجمع العراق والأردن، إنما ليشاركه هذه الفرحة من باب نجاح الأخ الشقيق وتفوقه رغم محدودية الموارد وشح الامكانات لكن إرادة نشامى الاردن أبت إلا أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه وتتفوق الإرادة على الإمكانات وسط معادلة اعجازية راح يرسيها المنتخب الأردني، كما عهد قيادته الهاشمية في تحويل التحديات إلى منطلقات تحقق مضمون التفوق الذي ما فتئ الاردن يقدمه فى شتى المجالات، وهو يقدم هذه المنجزات المعنونة باسم العرب والعروبة كما هى حكما باسم الهلال الخصيب الذي يمثل منطقة الرسالات السماوية ومنطق حضارتها الإنسانية.
 
ان العلاقات الاردنية العراقية أثبتت على مدار السنين إنها علاقة صلبة ومتينة وهي غير قابله للطي أو التآكل برغم كل عوامل التجوية والتعرية الإقليمية التى تحاول عبثا النيل منها، لكنها ستبقى حكما علاقة وحدة حال كونها تاريخيا واستراتيجيا كما هي علاقة أخوة تعظمها وحدة الدم والمصير المشترك، وهذا ما جعل هذه العلاقة فى كل المحطات تبرهن على هذا الثابت وتؤكد أنها علاقة "وحدة حال".