نبض البلد - محمد علي الزعبي
حين أتحدث عن وزارة الصحة، لا أتحدث كمراقب خارجي فحسب، بل كأردني يرى بأمّ عينه أثر هذه الوزارة في تفاصيل الحياة اليومية، من لحظة الميلاد إلى مراحل العلاج والتعافي، من القرى البعيدة إلى قلب العاصمة. هذه المؤسسة لم تكن يومًا مجرد جهاز إداري يقدم خدمات، بل كانت دومًا عنوانًا للكرامة الإنسانية، وجدارًا صلبًا في وجه التحديات الصحية التي مرت على الوطن.
لقد قطعت وزارة الصحة شوطًا طويلًا في بناء منظومة صحية تليق بالمواطن الأردني، وقد تجلّى ذلك في سلسلة من الإنجازات التي أعادت رسم ملامح الخدمة الصحية في المملكة. لقد شهد القطاع الصحي في عهد الحكومة الحالية نقلة نوعية اتضحت معالمها في توسعة المستشفيات الحكومية في مختلف المحافظات، ورفع كفاءتها من حيث البنية التحتية والقدرة الاستيعابية، إلى جانب إنشاء مراكز صحية متقدمة في مواقع مدروسة بعناية لخدمة المجتمعات المحلية بكفاءة وعدالة. كما جرى إنشاء وحدات متخصصة لغسيل الكلى وفق أعلى المعايير العالمية، بما وفّر رعاية صحية لآلاف المرضى في أماكن سكنهم دون مشقة الانتقال، بينما تم تحديث الأجهزة والمعدات الطبية في المستشفيات والمراكز، مما رفع من جودة الخدمات وسرعة الاستجابة. هذه الإنجازات لم تكن عشوائية، بل جاءت نتيجة رؤية واعية ومتابعة حثيثة، تجلت في الزيارات الميدانية المكثفة التي قام بها معالي وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، والتي عكست حرصه المباشر على تقييم واقع المستشفيات واحتياجاتها بدقة ميدانية واحترافية تنفيذية. وقد جاءت هذه الجهود متقاطعة مع زيارات دولة الدكتور جعفر حسان، التي منحت هذه التحركات بعدًا استراتيجيًا، وأسهمت في تحويلها إلى خطط تنفيذية قابلة للقياس، ما عزّز نهج التطوير المدروس القائم على التشاركية والتخطيط الواقعي.
الخدمة النوعية التي تقدمها مستشفيات وزارة الصحة اليوم أصبحت تُقارن بمستوى الخدمة في كبريات المؤسسات الطبية، سواء من حيث الاستجابة السريعة، أو الكادر المدرب، أو استخدام الأنظمة الرقمية لتتبع حالات المرضى وضمان استمرارية العلاج. لم تعد المراكز الصحية مجرد نقطة أولى للعلاج، بل أصبحت مراكز تشخيص مبكر ووقاية ومتابعة، ما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو الرعاية الشاملة.
ولا يمكن الحديث عن هذه المرحلة دون الوقوف على الدور الريادي لوزير الصحة الدكتور فراس الهواري، الذي قدّم نموذجًا في القيادة الطبية القائمة على الفهم العميق لتفاصيل التحديات، والانفتاح على التطوير، والجرأة في اتخاذ القرار. لقد قاد الدكتور الهواري دفة الوزارة بروح الطبيب الذي يعي قيمة الحياة، والإداري الذي يدرك مسؤولية القرار، والوطني الذي يضع الأردن نصب عينيه. تحت قيادته، لم تتجه الوزارة فقط نحو إدارة الواقع، بل نحو صناعة مستقبل صحي أكثر تماسكًا ورؤية.
في كل مستشفى يُعاد تأهيله، وفي كل وحدة جديدة تُفتتح، وفي كل جهاز طبي يُركّب لخدمة مريض في الأطراف أو المركز، أرى وزارة الصحة ، تتحرك بروح الدولة، وبهُوية الإنسان، وبدافع الانتماء لهذا الوطن الأصيل، هذه هي وزارة الصحة كما أراها، عنوان صمود وتحديث، ودرعٌ طبي لحياةٍ أكثر عافية وعدالة وكرامة.