اضطرابات الغدة الدرقية.. أرقام مقلقة وارتباط وثيق بالصحة النفسية

نبض البلد -

 

شديفات: نسبة المصابين باضطرابات الغدة الدرقية في الأردن تتجاوز 30%

الرمّاحة: اضطرابات الغدة الدرقية أصبحت تُكتشف بشكل متزايد من خلال الفحوصات الروتينية

الصالحي: أهمية التشخيص المتكامل الجسدي والنفسي لتجنب الوقوع في فخ العلاج الخاطئ

الأنباط – كارمن أيمن

تشهد المملكة تزايدًا ملحوظًا في نسب الإصابة باضطرابات الغدة الدرقية، وفق ما يؤكده أطباء ومختصون، وسط مخاوف من ضعف التوعية المجتمعية بأهمية الفحص المبكر، خاصة أن هذه الغدة الصغيرة التي تتخذ شكل الفراشة في مقدمة الرقبة، تتحكم في العديد من الوظائف الحيوية للجسم، بما في ذلك عمليات الأيض والطاقة والمزاج.

كورونا ونقص اليود.. أسباب رئيسة

ويرى أخصائي الغدد الصماء والسكري د. أمجد شديفات أن نسبة المصابين باضطرابات الغدة الدرقية في الأردن تتجاوز 30%، وهي نسبة تفوق المعدلات العالمية، مشيرًا إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة، لأسباب تتعلق بالتغيرات الهرمونية والمناعة الذاتية.

 

ويُرجع شديفات هذا الارتفاع إلى عوامل عدة، أبرزها نقص تناول الأغذية الغنية باليود – مثل المأكولات البحرية – وضعف الرقابة على نسب اليود في ملح الطعام، إلى جانب تأثير فيروس كورونا، الذي قد يُسبب اضطرابات مناعية تؤثر في عمل الغدد الصماء، ومنها الدرقية.

 

كما حذر من مخاطر التعرض المتكرر للأشعة دون استخدام واقٍ للغدة، خاصة في المراكز التي تفتقر إلى الوعي المهني الكافي بهذا الجانب، مشيرًا إلى أن الإشعاع غير المحمي قد يتسبب بضرر مباشر للغدة.

 

فحص الغدة.. ثقافة غير رائجة

 

مدير أحد المختبرات الطبية، د. علاء الرمّاحة، أوضح أن اضطرابات الغدة الدرقية أصبحت تُكتشف بشكل متزايد من خلال الفحوصات المخبرية الروتينية، إلا أن ثقافة التشخيص المبكر لا تزال محدودة. وتُقدَّر نسبة الأشخاص الذين يخضعون للفحص الدوري للغدة ما بين 30 إلى 35% فقط.

 

ويرى الرمّاحة أن زيادة وعي الأفراد، وتعاون أخصائيي التغذية في إدخال أطعمة غنية باليود ضمن البرامج الغذائية، بات أمرًا ضروريًا، خاصة أن النظام الغذائي المحلي يفتقر لهذا العنصر الحيوي.

 

الأعراض النفسية.. وجه خفي للاضطراب

 

من جانبه، يربط الطبيب النفسي د. أشرف الصالحي بين اضطرابات الغدة الدرقية والتغيرات النفسية التي قد تُشخّص خطأ على أنها حالات اكتئاب أو قلق مزمن.

 

وأوضح أن فرط نشاط الغدة يسبب أعراضًا مثل: التوتر الحاد، تسارع ضربات القلب، اضطرابات النوم، و”الهوس الخفيف” في الحالات المتقدمة، في حين يرتبط قصور الغدة بمشاعر اليأس، ضعف التركيز، والإرهاق العقلي.

 

وشدد الصالحي على أهمية التشخيص المتكامل، الجسدي والنفسي، لتجنب الوقوع في فخ العلاج الخاطئ، مشيرًا إلى أن العلاج المعرفي السلوكي (CBT) أثبت فعاليته في التعامل مع الأعراض النفسية الناتجة عن الخلل الهرموني.

 

ونصح باستخدام تقنيات استرخاء مثل: التأمل، اليوغا، وتمارين التنفس العميق، إلى جانب النوم الجيد والتغذية المتوازنة، كوسائل مساعدة في تعزيز التوازن الجسدي والنفسي.

 

دراسات تؤكد تفاقم الظاهرة

 

وفي دراسة علمية نُشرت عام 2022 في مجلة BMC Endocrine Disorders، بإشراف البروفيسور كامل العجلوني، تبين أن 11.9% من البالغين الأردنيين يعانون من مشاكل في الغدة الدرقية، وأن نحو 76% من الحالات لم تُشخَّص سابقًا، ما يسلّط الضوء على ضعف منظومة الكشف المبكر في البلاد.

 

دعوات للتوعية والتدخل المبكر

 

يجمع الأطباء المشاركون على أن اضطرابات الغدة الدرقية أصبحت تشكّل تحديًا صحيًا في الأردن، لا يقل أهمية عن الأمراض المزمنة الأخرى، ويتطلب استراتيجية وطنية لرفع الوعي، وتعزيز ثقافة الفحص الدوري، وتحسين جودة الغذاء، وتدريب الكوادر الطبية على الوقاية من مسببات الاضطراب.