الدهون: الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي يعزز العزلة ويضعف مهارات التواصل
بني مصطفى: غياب التواصل الأسري يدفع المراهقين إلى البوح لمساعد ذكي لا يُصدر أحكامًا
الأنباط – آية شرف الدين
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، بات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها "شات جي بي تي”، جزءًا من الروتين اليومي لدى فئة واسعة من الشباب والمراهقين.
ورغم ما تقدّمه هذه التطبيقات من خدمات معرفية وتفاعلية، إلا أن استخدامها من قِبل المراهقين بات يتجاوز الجانب التعليمي، ليصبح وسيلة للتعبير عن المشاعر والهروب من الفراغ العاطفي والاجتماعي.
ويرى مختصون أن توجه المراهقين للبوح لمساعد ذكي مثل "شات جي بي تي” يشير إلى وجود فجوة في التواصل داخل البيئة الأسرية والمجتمعية. محذرين من أن الاعتماد المفرط عليه قد يُخلّف آثارًا نفسية وتربوية على المدى الطويل، ما لم يُقابل بجهد حقيقي من الأهل لاحتواء أبنائهم والاستماع لهم.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير التربوي والنفسي محمد عيد الدهون، خلال مشاركته في برنامج "سكرول” على شاشة "الأنباط”، أن "شات جي بي تي” يمثل أداة تفاعلية ذكية توفر مساحة حوارية للمستخدمين دون وجود إنسان حقيقي على الطرف الآخر.
وأضاف الدهون أن طبيعة المراهقة تدفع الأفراد للبحث عن بيئة آمنة للتعبير عن مشاعرهم دون خوف من الأحكام أو الانتقاد، وهذا ما يجعل "شات جي بي تي” وجهة مثالية لهم، إذ يقدّم إجابات حيادية وسريعة متى أرادوا.
خطورة العزلة والاعتياد
وأكد الدهون أن الاستخدام المطوّل لهذه التطبيقات قد يُضعف من مهارات التواصل الواقعي لدى المراهقين ويعزز العزلة الاجتماعية، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه سد الفراغ العاطفي أو تقديم الدعم الإنساني الحقيقي. وتابع: "الآلة لا تضع يدها على كتفك، ولا تنظر إلى عينيك، ولا تمنحك حضنًا في لحظة ضعف”.
ورغم اعترافه ببعض الفوائد مثل تحسين مهارات التعبير أو محاكاة مقابلات العمل، دعا إلى توجيه هذه الاستخدامات ضمن حدود آمنة ومدروسة، خصوصًا خلال مرحلة بناء الشخصية.
وشدد الدهون على أهمية التواصل الأسري والمجتمعي، داعيًا الأسر إلى تخصيص وقت للاستماع إلى أبنائهم، ومشاركتهم في اتخاذ القرار، كي يشعروا بأن العائلة هي الحاضن الأول، حتى في لحظات الخطأ.
"المراهقة صرخة مكتومة”
من جانبها، أكدت الاستشارية النفسية والتربوية د. مرام بني مصطفى أن مرحلة المراهقة هي فترة حرجة من النمو، تشهد تحولات نفسية واجتماعية حادة، وقد تمتد حتى سن الحادية والعشرين.
وأشارت إلى أن غياب التواصل الفعّال مع الأهل يدفع العديد من المراهقين إلى اللجوء لمنصات الذكاء الاصطناعي، لما توفره من خصوصية وبيئة غير حاكمة. وتابعت: "في ظل الخوف من الانتقاد أو التوبيخ، يجد المراهقون في هذه التطبيقات حضنًا افتراضيًا آمنًا يتيح لهم التعبير عن تساؤلاتهم ومخاوفهم دون قلق”.
وحذّرت بني مصطفى من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أنه قد يضعف مهارات التواصل الواقعي ويعزز الانعزال الرقمي، ما يؤدي في بعض الحالات إلى صعوبة بناء علاقات إنسانية متوازنة.