حسين الجغبير يكتب : طرق باب المعلم.. بحث عن المستقبل المنشود

نبض البلد -
حسين الجغبير
أعلن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان عن حزمة قرارات تتعلق بالمعلم خلال زيارته إلى وزارة التربية والتعليم أمس. قرارات تبث رسالة واضحة بضرورة الوقوف إلى جانب المعلم ودعمه، لأن استقراره وتحفيزه أساس نهوض العملية التعليمية التي تنعكس على الطلبة في نهاية المطاف، ومخرجات البيئة الصفية.
في دول أخرى يعتبر المعلم الركيزة الأساسية للنهضة والتطور، لأنه هو القادر على إخراج جيل المستقبل الذي يمتلك أدوات التفكير والتحليل والابتكار، حيث يعد السلاح الأخطر الذي من شأنه أن يهوي بالدول إلى الأسفل إذا لم يؤدِّ عمله بأمانة وإخلاص، كونه الوحيد الذي يختلط معرفيًا وفكريًا مع الطلبة في كافة الصفوف ويستطيع أن يغرس في عقولهم ما يشاء.
إن المعلم المحبط ومهما حاولنا تطوير أدواته في نقل المعرفة في الغرفة الصفية، وعززناه بمنهاج نموذجي، فلن نفلح أبدًا، حيث لن يتمكن من الارتقاء بمستوى العطاء الذي يقدمه كونه يعاني من أوضاع معيشية صعبة للغاية، وهو الأمر الذي طالما أكدنا عليه بيد أن أحدًا لم يكن ليستمع.
وكما أشار رئيس الوزراء أمس بأن المعلم هو المؤتمن على الأجيال، فليس من المعقول أن نحمله الأمانة ولا نوفر له الإمكانيات اللازمة لضمان الحفاظ عليها، وصونها، عبر منحه بعض الامتيازات الخاصة به، فكيف لمعلم أن يحمل الأمانة وراتبه الشهري ضئيل، ومُطالب بالتزامات حياتية متنوعة وصعبة.
إن توجيه الرئيس بتخصيص أراضٍ لإسكانات المعلمين في المحافظات، وتخصيص المبالغ اللازمة لتغطية جميع المتقدمين للسلف لهذا العام، وتسريع الطلبات المتأخرة ووضع آلية جديدة بشروط محسنة لتقديم تمويل ميسّر وطويل الأمد، وبنسب فائدة مخفضة وإعادة النظر في زيادة مكرمة أبناء المعلمين في الجامعات، وزيادة عدد المستفيدين من المنح والقروض اعتبارًا من شهر أيلول المقبل، إلى جانب قرارات تتعلق بالبنية التحتية للمدارس، هو رسالة حقيقية للمعلم بأنه بات في حكم المؤكد يتم التعامل معه على أنه صانع الأجيال، وضامن إخراج شباب وشابات قادرون على حمل مستقبل الوطن وتطوره ونهضته.
ما يختلف اليوم، وأنا على يقين تام بأن المعلم يحتاج إلى مزيد من الامتيازات التي تساعده على تلبية احتياجاته الأساسية، إن هناك قرارات اتخذت مست حياة المعلم وحاولت تحفيزه، بدلًا من سنوات طويلة من الدعوات الرسمية وغير الرسمية التي كانت تؤكد على أهمية المعلم ودوره الوطني دون أن نلتفت إلى أن تهيئة بيئة العمل المادية واللوجستية لها غاية في الأهمية ودونها لن يؤدي ما هو يؤمل منه، مهما حاول المعلم وكان مخلصًا ومؤتمنًا على عمله.
لن أسعى إلى التعريف بالمعلم ودوره في كافة مناحي الحياة، فهذا أمر من المسلّمات ، ولكن البدء بطرق أبواب هذه الفئة من موظفي الدولة يساعدهم والوطن من بعده في أن يحظوا بمكانتهم الريادية في مساعدة المجتمعات على تجاوز التحديات، وتحقيق التنمية، وبناء المستقبل المنشود.