نبض البلد - خلدون خالد الشقران
65 % من الأردنيين يثقون بالحكومة… بداية جديدة أم لحظة نادرة؟
استطلاع الثقة يفتح نافذة جديدة في علاقة الدولة بالمجتمع
في بلدٍ اعتاد على الترقب أكثر من التصديق، شكّل استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية مفاجأة لكثيرين:
65 % من الأردنيين قالوا إنهم يثقون بحكومة جعفر حسان.
رقمٌ لم يكن متوقعًا بهذا الحجم، لكنه يفتح بابًا مهمًا للتساؤل:
هل نحن أمام تحوّل حقيقي في المزاج العام؟ أم أن الأردنيين اختاروا للمرة الأولى أن يمنحوا الحكومة فرصة قبل إصدار الأحكام؟
بين التعبير عن الأمل والتكيّف مع الممكن
الثقة، في السياق الأردني، ليست مجرد نتيجة لأداء حكومي، بل هي غالبًا نتاجٌ لمعادلة معقدة تشمل: التوقعات، والصبر، ومحدودية البدائل.
لكن هذه النسبة المرتفعة قد تُقرأ أيضًا كمؤشر على رغبة المجتمع في تجاوز حالة الشك، واستعداد جديد لمنح الثقة مقابل خطوات عملية ملموسة.
بمعنى آخر، قد تكون هذه النسبة انعكاسًا لحالة نادرة من التوافق الصامت:
الشعب مستعد للدعم… إذا رأى أن الأمور تتحرك إلى الأمام.
هل تغيّرت الحكومة… أم تغيّر الناس؟
قبل عامين، كانت النسبة أقل من 40%. لم تتغير المعجزات، ولم تتبدّل الظروف الاقتصادية كثيرًا. لكن ما تغير فعليًا هو أسلوب الإدارة، ونبرة الخطاب الرسمي، ومحاولة ضبط الإيقاع السياسي بطريقة أكثر اتزانًا.
وهنا قد يكون التحول الأهم: شعور الأردنيين بأن هناك من يسمعهم، حتى لو لم يكن قادرًا على تنفيذ كل المطالب دفعة واحدة.
قراءة في العمق: ليست مجرد أرقام
مركز الدراسات الاستراتيجية معروف بمهنيته، والأرقام هنا تقول الكثير، لكنها لا تقول كل شيء.
الثقة الشعبية هي عملية بناء مستمر، تبدأ من الأداء، وتعتمد على الشفافية، وتنمو فقط عندما يرى الناس فرقًا في تفاصيل حياتهم اليومية ، والرقم 65%، إن تم التعامل معه بوعي، قد يكون بداية لثقافة سياسية جديدة تقوم على الشراكة لا الاستقطاب.
هذه النسبة، في السياق الأردني، ليست نهاية المطاف، بل بدايته.
إنها فرصة ذهبية للحكومة أن تثبت أن الثقة ليست مجرد لحظة استطلاع، بل محطة في مسار أطول نحو تجديد العقد بين الدولة والمجتمع.
ما هو مطلوب اليوم ليس الاحتفال بالرقم، بل تحويله إلى منجزات، وخدمات، وأمان اجتماعي واقتصادي يشعر به المواطن.
الثقة لا تُقاس فقط بما يقوله الناس، بل بما يُنجز لأجلهم.
الرقم 65 هو دعوة للعمل، وإشارة إلى أن هناك استعدادًا شعبيًا للتجاوب إذا شعر الناس بصدق الجهود.
فهل تكون هذه اللحظة بداية مرحلة جديدة من التفاهم بين الحكومة والمواطن؟
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.