طلال ابو غزالة

محكمة العدل الدولية تملك من الشواهد والحقائق ما يكفي للتحرك

نبض البلد -
طلال أبوغزاله
إعلان وزير دفاع كيان الاحتلال يسراييل كاتس، عن إنشاء وكالة خاصة لتنظيم "المغادرة الطوعية" لسكان غزة، بالتزامن مع الترويج للمقترح الأميركي الهادف إلى السيطرة على القطاع وتهجير أهله، ليس سوى واجهة لخطة تطهير عرقي ممنهجة.
وهذا المخطط الذي يستهدف إفراغ غزة من سكانها بعد حرب إبادة وحشية، دمرت كل مقومات الحياة، وأتت على البشر والشجر والحجر، ما هو إلا استكمال لسياسة تهجير قسري مارسها الكيان منذ أكثر من ثمانية عقود.
إذن نحن أمام جريمة متكاملة تتم على مرأى ومسمع العالم، وسط صمت دولي مخيف، خاصة أن أرقام الكارثة لا تحتاج إلى تأويل، فمع 160 ألف شهيد وجريح، و69% من مباني القطاع دمرتها آلة الحرب الوحشية، لم يعد أمام الفلسطينيين إلا الموت أو التهجير القسري.
ومع ذلك، لا تزال العدالة الدولية متأخرة في التحرك، رغم أن محكمة العدل الدولية تملك من الشواهد والحقائق ما يكفي لاتخاذ إجراءات فورية ضد هذه الجريمة التي تُرتكب في وضح النهار، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
كما أن الدول العربية والإسلامية تقف اليوم أمام مسؤولية تاريخية، فلا يقتصر خطر هذا المخطط على الفلسطينيين وحدهم، بل يهدد الأمن القومي لبلادنا العزيزة بأكملها.
وكما أكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله في رسالته الواضحة، فإن الأردن لن يقبل بتهجير أبناء غزة إلى أراضيه، وأن الأولوية يجب أن تكون لإعادة إعمار القطاع، لا لتفريغه من سكانه، وكذلك حذرت الشقيقة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مرارًا من أي مخطط لتصفية القضية الفلسطينية.
ويبقى أن السكوت على هذه الجريمة يعني التواطؤ معها، والمطلوب اليوم ليس مجرد الإدانة، بل التحرك الفوري والجاد لمواجهة هذا المخطط الخطير، قبل أن تتحول غزة إلى نكبة جديدة، وقبل أن يصبح التهجير القسري أمرًا واقعًا في ظل التخاذل الدولي، فلا مجال للتردد، فغزة اليوم تواجه معركة وجود وبقاء، والعالم مطالب بأن يضع حدًا لهذه الجرائم قبل أن تتكرر فصول النكبات السابقة.