الأردن في مواجهة أدعياء "المقاومة": التداعيات السياسية والأمنية للمؤامرة

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

جَرّت الأوهام بعض القوى والتيارات السياسية للاعتقاد أن البيئة الإقليمية الراهنة تتيح لها التصرف بما تحب أن تسمّيه "الساحة الأردنية" دون أي عواقب، ولكنها لم تدرك، أن حملاتها لعسكرة المناخ الوطني، وتثوير الشارع الأردني تحت لافتة الانفعال بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، ستنتهي على نحو غير متوقع بالنسبة لها.

صحيح أن التخطيط للمؤامرة التي أحبطتها دائرة المخابرات العامة بدأ منذ أربع سنوات، إلا أن الحرب على قطاع غزة، وفّرت غطاءً لهذه القوى والتيارات السياسية لتصعيد أنشطتها المحلية لتحقيق أهدافها بالتعاون مع جماعات معادية للأردن، وتحديد ساعة الصفر لاستخدام معداتها العسكرية التي تم الكشف عنها لخلط الأوراق، وإقحام الأردن في الدوامة الإقليمية المستمرة، تماشيًا مع نهج الفوضى التي ترى بعض الدول والجماعات المأزومة أن لا فرصة لنجاتها إلا بتعميمه في المنطقة.

الجانب الأخطر في المؤامرة التي أحبطتها دائرة المخابرات العامة، يتعلق بالانتماءات السياسية لعناصرها؛ فوجود كيان سياسي منظم يحتوي هؤلاء، ويزوّدهم بالأيديولوجيا المحفزة للعنف والإرهاب، يعني استدامة التهديد الأمني للمملكة، على المدى الطويل، وبالتالي، فإن الحاجة ملّحة لنزع جذور هذه الأيديولوجيا من خلال استراتيجيات شاملة، تعزز التعليم والتوعية، وتعيد تأهيل الأفراد الذين تأثروا بهذه الأفكار، لا أن يُكتفى بالتعامل الأمني معهم.

اثنان من المعتقلين المتورطين في المؤامرة، كانت إحدى الجماعات المحظورة وذراعها السياسي تزعم اعتقالهما بسبب دعم المقاومة، وهذا يطرح تساؤلًا حول مستوى التضليل الذي تمارسه لتبرير أفعالها ولكسب التعاطف الشعبي، رغم حرصها الدائم على إثبات تفوقها الأخلاقي على جميع خصومها السياسيين، وهذا تناقض واضح بين الخطاب السياسي الذي تتبناه هذه الجماعات، وممارساتها الفعلية.

ما كشفت عنه دائرة المخابرات العامة، ستتجاوز آثاره حدود المجال الأمني، لتشمل السياسة الداخلية وتوازناتها، حيث إن الظروف الاستثنائية، تتطلب إجراءات استثنائية، فما تم إعلانه، يخرج عن المألوف، رغم وجود سوابق مماثلة، ولكن نظرًا لخطورة المرحلة الإقليمية، فإن المزيد من الحسم والصرامة، سيكبح جماح كافة القوى التي تهدد الأردن.

كما أن الشارع الأردني، لن يبقى رافعة تستغلها القوى والتيارات السياسية للوصول إلى الحد الأقصى من القوة للوقوف بوجه المؤسسات الوطنية وتحدّيها، والخروج عن الأعراف السياسية المحلية، وإدارة الرأي العام وتوجيهه لخدمة مصالح غير وطنية.

أما الذين تقمّصوا "المقاومة" وجرّبوا محاكاتها في الأردن، سيتعين عليهم الوقوف أمام الحقائق التي كشفتها دائرة المخابرات العامة، والاستعداد لملاقاة مصيرهم، بعد أن تمت تعرية نواياهم أمام الرأي العام، وإثبات أن الأردن لن يكون ساحة للتجارب والمغامرات السياسية والأمنية.