نبض البلد - بقلم المحامي عبدالله الصمادي
تُسطر أجهزتنا الأمنية اليوم صفحة جديدة ومشرقة في سجلها الحافل، بإحباطها عملية إرهابية كانت تستهدف أمن الوطن وسلامته فإعلان إحباط هذه العملية لا يعد مجرد خبر عابر، بل هو تذكير صريح بأن معركتنا ضد الفكر المتطرف ما زالت مستمرة، وأن الحفاظ على أمن الوطن ليس أمراً مسلّماً به، بل إنجاز يُبنى يومياً على أيدي رجالٍ يؤمنون بقدسية واجبهم.
إن ثقتنا العميقة بعيون الوطن الساهرة ليست وليدة اللحظة، بل هي ثقة مترسخة أثبتها رجال الأمن مراراً وتكراراً. ومع ذلك فإننا ندرك أن الأمن لا يتحقق بالجهود الاستخبارية وحدها ولا بالبنادق الساهرة على حمايته ، بل يستدعي تكاتفاً وطنياً يعالج الفكر المنحرف بالفكر الأصيل، ويبدد الظلام بنور العقل والوعي.
فثقتنا برجالنا الصامدين ليست إعفاءً لنا من مسؤولياتنا، بل دافعاً لنكون شركاء فاعلين في معركة تتجاوز الأسلحة إلى العقول والخطاب البناء.
خطاب يعيد تشكيل الوعي الجماعي على أسس وطنية وعقلانية قوية، فالفكر المنحرف لا ينشأ من العدم، بل يتغذى على التهميش وغياب صوت العقل، ويستغل نقاط الضعف والفراغ المعرفي لترويج رواياته المضللة.
ومن هنا، تبرز المسؤولية الكبرى للأحزاب السياسية، التي ينبغي أن تتجاوز خلافاتها ومصالحها الضيقة لتطرح مشروعاً وطنياً شاملاً يسد ثغرات الفراغ التي ينفذ منها الفكر المتطرف.
كما يقع على عاتق النقابات المهنية دور حيوي بصفتها ضمير المجتمع، في نشر الوعي بين أعضائها وحماية بيئاتها من ثقافة التحريض والكراهية كما ولا يمكن إغفال دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم الرواية الوطنية، ليس من خلال الإشادة فقط، بل عبر تعزيز حضورها في الوعي الشعبي، وتفنيد الأكاذيب التي يروج لها دعاة التطرف.
ما تحقق اليوم هو انتصار أمني مستحق نفخر به وبمن حققه من رجال صدقوا ما عاهدوا الله به لكن النصر الحقيقي يكمن في كسب معركة الوعي ومنع الفكر المنحرف من أن يجد تربةً ينمو فيها بين اطياف مجتمعنا الحبيب فحمى الله الاردن ملكاً وشعباً وقياده .