نبض البلد -
العناني: أمريكا ترفض الصراع مع إيران خلافًا للكيان الصهيوني
عايش: ترامب لا يأبه للنتائج السلبية لسياساته على الاقتصاد العالمي
مي الكردي
استبقت إيران جولة المفاوضات الثانية مع الولايات المتحدة المقرر عقدها الأسبوع المقبل في العاصمة الإيطالية روما وطالبت بـ"ضمانات لتنفيذ الوعود برفع العقوبات عنها".
وبعد جولة أولى من المفاوضات وصفت بـ"الإيجابية والبناءة" في سلطنة عُمان، أعلنت طهران أنها ستستقبل هذا الأسبوع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.
المعطيات السابقة تعطي شيئًا من الارتياح بعد زوبعة أثارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إمكانية توجه ضربة عسكرية لإيران، ما خلق حالة من الهلع في الأوساط السياسية والاقتصادية حول العالم.
وقد شدّد ترامب مرارًا على أنه لن يسمح مطلقًا بامتلاك إيران أسلحة نووية، كما أنه واصل إطلاق التصريحات بشأن هجوم عسكري حتى بعد الإعلان عن إجراء مفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، قائلًا: "إذا كان التدخل العسكري ضروريًا، فسنتدخل عسكريًا. ومن الواضح أن إسرائيل ستكون جزءًا من ذلك، لكن نحن من يقود هذه العملية، ولا أحد يمكنه قيادتنا. نحن نفعل ما نريد".
وتقوم واشنطن، التي تمتلك العديد من القواعد العسكرية والطائرات والسفن الحربية في المنطقة، مؤخرًا بنشر قاذفات إستراتيجية من طراز B-2 Spirit في قاعدة دييغو غارسيا، الواقعة في المحيط الهندي.
وفي خضم هذه التطورات، ومع بقاء احتمالية نشوب صراع عسكري بين طهران وواشنطن، يرى خبراء أن أسعار السلع الأولية في العالم سترتفع بشكل كبير كأول النتائج للتوترات كما حدث في بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
وحذر الخبراء من حدوث موجة تضخم جديدة مدعومة بارتفاع الذهب والنفط، في حال قيام الحرب، مدعمة بالصراع التجاري الذي افتعله ترامب مع الكثير من دول العالم.
انعقاد المفاوضات تبعد شبح الحرب
وأوضح الخبير السياسي والوزير الأسبق الدكتور جواد العناني، أنه بمجرد فتح باب التفاوض بين الولايات المتحدة وإيران والاتفاق على أن المُباحثات بناءة، فإن ذلك يؤكد استبعاد أي هجوم قد يحصل على إيران من قبل الولايات المتحدة.
وعلى صعيد التعزيزات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة في جزيرة دييغو غارسيا، برر الأمر بأنه محاولة للضغط على إيران دون أن تحاربها، مُشيرًا إلى رفض الولايات المتحدة للصراع من خلال رفض دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو لهجوم عسكري ضد إيران.
وأشار العناني إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد إنهاء البرنامج النووي العسكري لإيران بالتفاوض، أما بالنسبة للكيان الصهيوني فهو يريد إنهاء البرنامج النووي بالقصف، الأمر الذي يُشير إلى فرق في المواقف.
وبين إلى أن ترامب هو من خرق الاتفاق النووي الذي تم في عهد الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" وبمشاركة أوروبية، لافتًا إلى أن ترامب يحاول إعادة التفاوض بدون أوروبا وبدون أيّ تدخل من قبل الحكومة الصهيونية.
انشطار المصالح الأمريكية الصهيونية
وفي سياق متصل، أوضح العناني أن استثناء الحكومة الصهيونية من هذه المفاوضات يأتي لـتعارض مصالحها مع المصالح الأمريكية، حيثُ أن رغبة الكيان الصهيوني في الحرب والقتال تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن الكيان يريد أن تضرب إيران "بـِ مخلب أمريكا" وهو ما ترفضه الولايات المتحدة.
ويرى أن الولايات المتحدة تريد أن تحصل على نتائج سريعة من خلال المفاوضات الحالية مع الإيرانيين، مُتوقعًا أن لا تحصل واشنطن أكثر مما حصلت عليه إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عندما وقعت الاتفاق النووي مع إيران قبل 12 سنة.
الشرق الأوسط الورقة الأخيرة
ولفت إلى أن المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بغاية الأهمية نظرًا إلى السياسة العدائية التي انتهجها ترامب مع أمريكا اللاتينية، وجيرانه كندا والمكسيك، إضافة إلى دول أوروبية، إضافة للتحدي القائم مع الصين، موضحًا أنها مصالح عسكرية أمنية اقتصادية سياسية.
النفط والذهب الرابحون في البيئة الحربية
وعلى صعيد الاحتمالات الاقتصادية المترتبة على أي تصعيد أمريكي إيراني، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن أي هجوم أمريكي على إيران سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب عالميًا، حيثُ أن الحرب بيئة خصبة لارتفاع أسعار السلع الأولية خاصةً عندما نتحدث عن إيران ومنطقة الخليج.
وتابع أن مضيق هرمز سيصبح خطيرًا من حيث الحركة وربما يغلق في حالة نشوب حرب، مُشيرًا إلى أن حوالي 15%-20% من إجمالي احتياجات العالم من النفط تمر من خلاله، حيثُ أن أكثر من 22 مليون برميل من النفط ستحجب عن العالم.
وأكد حتمية ارتفاع أسعار النفط عالميًا، في حال نشوب صراع عسكري، إضافة لما يرافقه بالعادة من حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي وهي البيئة التي تنشط بها أسعار الذهب أيضا، لافتًا إلى أن التحوط من القادم من أي هجوم أمريكي على إيران يعني مزيدًا من ارتفاع الأسعار في سوق الذهب، وهو من أهم المؤشرات التي تدُل على نمو اقتصادي أقل وربما ركود عالمي نتيجة توقف كمية هائلة من النفط وارتفاع التحوط بالذهب.
وأشار عايش إلى أن الأسعار في العالم سترتفع والتضخم سيطل برأسه بقوة مُذكرًا بما حدث بداية الحرب الروسية الأوكرانية عندما ارتفعت أسعار الطاقة بشكل كبير، حيث سجل برميل النفط 148 دولار وهو أعلى مستوى له منذُ سنوات طويلة.
الواقع الاقتصادي
وأوضح عايش إلى أن الرئيس الأمريكي في ولايته الثانية لا يأبه للنتائج السلبية لسياساتهِ على الاقتصادات العالمية والدول المختلفة، لافتًا إلى أنه من الممكن أن يقدم على كل ما هو بعيد عن المنطق التقليدي في الحسابات، إذ سيكون الاحتمال الأكبر في فشل الوصول إلى اتفاق خلال الأسبوعين القادمين أن نشهد هجومًا على إيران.