ركيزة الصمود الأردني في مواجهة التحديات الإقليمية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

 

 

رغم صعوبة البيئة الأمنية الإقليمية وتعدد المخاطر الناشئة عنها بالنسبة للأردن، إلا أنها كانت سببًا في تأكيد ثقة الأردنيين بمؤسساتهم الوطنية في مواجهة الأزمات المختلفة، ولطالما أشارت استطلاعات الرأي العام إلى ذلك، وهو ما يعتبر علامة على ارتفاع الوعي الوطني الذي يتمتع به الأردنيون، فهُم يدركون دور مؤسسات الدولة في الحفاظ على الأمن والاستقرار، رغم التحديات المتزايدة.

 

كان سقوط الجسم المشبوه في ماعين، مثالًا حيًا على ذلك؛ فرغم صِغر هذا الحدث الأمني وسهولة التعامل معه، إلا أن محاولات استغلاله وتوظيفه، ووضعه في سياقات مسيئة للأردن، لم تتأخر، ومع ذلك، بقيت الرواية الرسمية بشأنه، هي المرجعية الأساسية لمعظم الأردنيين، الذين أظهروا وعيًا وإدراكًا كبيرين، لأبعاده السياسية والأمنية.

 

لم تكن العلاقة الفريدة بين الشعب الأردني ومؤسساته الوطنية وليدة اللحظة، بل نتاج تفاعلات سياسية واجتماعية عميقة، على مدار أكثر من قرن، تراكمت فيه التجارب والتحديات التي عززت الثقة المتبادلة، وهذا يضع جذرًا تاريخيًا لتلك العلاقة، يمتد إلى لحظات مفصلية واجه فيها الأردن تحديات كبرى، لكنه تجاوزها بفضلها، وهو ما يقودنا للاعتقاد بأن أحد أهم عناصر الصمود الأردني في وجه التحديات والتغيرات المتسارعة، هو ثقة الأردنيين بمؤسسات دولتهم.

 

تقوم التيارات السياسية العابرة للحدود الوطنية للدول بممارسة هوايتها في تفكيك الروابط بين الشعوب ومؤسساتها الوطنية، وهي لا تستثني الأردن من ذلك، معتمدةً على استراتيجيات إعلامية مكثفة، تبلغ ذروة تأثيرها في وسائل التواصل الاجتماعي، ويتضح التنسيق فيما بينها عند ملاحظة وحدة خطابها السياسي والإعلامي، والانتقاء المتزامن للمواضيع التي تختارها وأساليب تسليط الضوء عليها، وبالتالي، نحن أمام عمل ممنهج يهدف إلى زعزعة الاستقرار الوطني وإثارة الشكوك حول قدرة المؤسسات الوطنية الراسخة على مواجهة التحديات.

 

هذه التيارات السياسية معروفة بسلوكها الانتهازي، ورغبتها الجامحة في تحقيق مصالحها والانتصار للمحور الذي تنتمي إليه، بصرف النظر عن ماهيته، وفي الأردن، باتت تُعرف بإصرارها على عدم احترام الثوابت الأردنية، وهو ما يعتبر تجاوزًا خطيرًا في العرف السياسي الأردني، لا يمكن التسامح معه.

 

أخيرًا، تبرز الحاجة لتعزيز مكانة مؤسسات الدولة وهويتها الوطنية، بترسيخ مبادئ السيادة والاستقرار، وزيادة الوعي الشعبي بأهمية حماية المكتسبات الوطنية في وجه المحاولات الهادفة لزعزعة التماسك الداخلي.