نبض البلد - الأمن العام: قرنٌ ونيفٌ من الوفاء ومسيرة لا تنحني
تحيّة من رفيق سلاح في الذكرى 104 لتأسيسه
في حضرة الأمن، يتجلّى الوطن آمنًا،ويزهو برجاله النشامى…
حين تمرّ الأيام وتكبر الأوطان بمن فيها، يبقى رجال الأمن العام عنوانًا ثابتًا في صفحات المجد وسندًا راسخًا في معادلة الأمن والاستقرار.
وفي الذكرى الرابعة بعد المئة لتأسيس هذا الجهاز العريق، نستحضر تاريخًا من التضحية، ومسيرةً حافلة بالعطاء، رسم معالمها النشامى بعرقهم، وسقوها بولائهم، وزيّنوها بانتمائهم الصادق.
ومن موقع الرفقة التي جمعتني برجاله على مدى أكثر من ثلاثة عقود، أُعبّر عن اعترافي الصادق بفضل هذه المؤسسة الأمنية الرائدة، التي عايشتُ تحوّلاتها وكنتُ شاهدًا على تطوّر أدائها واتّساع أدوارها، حتى غدت أنموذجًا يُحتذى في المهنية والانضباط وصورة مشرقة لرجل الأمن الواعي، المسؤول، الإنسان.
لقد بلغ الأمن العام اليوم من التقدّم والاحتراف ما يبعث على الفخر والاطمئنان، مستندًا إلى إرثٍ من البناء الراسخ، والتطوير المستمر والمتابعة الدقيقة، تحت مظلة القيادة الهاشمية الحكيمة، التي رعت هذا الجهاز منذ التأسيس.
وقد جاءت هذه النقلة النوعية تتويجًا لرؤية ملكية سامية، حيث شهد الأمن العام في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله تحديثًا شاملاً في بنيته التنظيمية ومجالات عمله وأساليبه، مستندًا إلى توجيهات جلالته الحثيثة، وحرصه الدائم على تطوير الجهاز، وتمكينه من أدوات العصر، ليبقى في طليعة المؤسسات التي تحمي أمن الدولة، وتصون كرامة المواطن.
ولم يكن هذا التميّز ليتحقّق لولا إخلاص القيادات الأمنية المتعاقبة، التي أدركت أن الأمن رسالةٌ نبيلة، تتطلّب رؤىً واعية وسواعد مؤمنة وإرادة لا تلين.
فجاء الأداء متكاملًا، وانعكست صورة الأمن العام في وجدان المواطن مصدرَ ثقةٍ واطمئنان.
النشامى اليوم لا يقتصر دورهم على تنفيذ القانون أو حفظ النظام، بل يزرعون الطمأنينة في كل بيت، ويخوضون معارك لا تهدأ ضد الجريمة والمخدرات، ويشاركون في مهام حفظ السلام الدولية، رافعين اسم الأردن بكل فخر في المحافل الإنسانية والأمنية.
كما يمتد حضورهم إلى مجالات الدفاع المدني، والإغاثة، والنجدة، وتنظيم السير وحماية الأسرة، والإقامة والحدود، والإدارات المتخصصة كافة، التي تعمل تحت مظلة الأمن العام، بروحٍ واحدة، وعقيدةٍ موحّدة، قائمة على القانون والانضباط وخدمة المواطن.
ولا شك أن هذه المهام المتعدّدة والمتجدّدة، والتي يصعب حصرها في مقال واحد، تعكس عمق الدور الذي يضطلع به الأمن العام في حماية المجتمع، وخدمة الدولة، ودعم الاستقرار بكافة أبعاده.
وفي هذه الذكرى الغالية، أتوجّه بتحية فخر ووفاء لكل منسوبي الأمن العام، قيادةً وأفرادًا، سائلًا المولى عزّ وجل أن يحفظهم، ويوفّق خُطاهم، ويجزيهم عن الوطن خير الجزاء، وأن يديم على أردننا أمنه واستقراره، في ظلّ راية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، وسدّد على طريق الخير خُطاه.
وأن تبقى راية الأمن العام عالية، خفّاقة بالإخلاص، مضيئةً بعزائم رجاله، حاضرةً في وجدان الوطن، كما عهدناهم… وكما نرجوهم دائمًا.
وكلّ عامٍ والنشامى بخير، عطاءً وأمنًا ورفعة.
اللواء المتقاعد
محمد بني فارس