يارا بادوسي تكتب : الرسوم الأمريكية ضربة موجعة وفرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد

نبض البلد -

يارا بادوسي

قرار ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات أردنية رئيسية، يهدد بتقليص حصص الأردن في السوق الأميركية ويعرض قطاعات صناعية حيوية لخسائر مباشرة.

بيانات التجارة الخارجية الأردنية جميعها تشير إلى أن الولايات المتحدة تمثل الوجهة التصديرية الأهم للأردن، حيث بلغت قيمة الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركية في عام 2023 نحو 2.2 مليار دولار ما يعادل 22% من إجمالي الصادرات الأردنية، ويشكل قطاع الألبسة النسبة الأكبر من هذه الصادراتوتبلغ 85% بقيمة تقارب 1.87 مليار دولار سنويًا، وفي المرتبة الثانية يأتي قطاع الأدوية بصادرات تبلغ نحو 150 مليون دولار.

فالقرار الذي فرضه ترامب مؤخرًا على الصادرات الأردنية ينعكس مباشرة على كلفة المنتج في السوق الأميركي، ووفق حسابات أولية فإن هذه الرسوم سترفع التكلفة على المستوردين الأميركيين بنحو 440 مليون دولارسنويًا، ما يجعل المنتجات الأردنية أقل تنافسية مقارنة بمثيلاتها من دول مثل بنغلاديشوفيتنام بنسب 17% و16% على التوالي.

ومن المرجح أن يتراجع الطلب على الألبسة الأردنية بنسبة تتراوح بين 15% و25% خلال العام الأول من تنفيذ القرار بحسب تقديرات خبراء صناعات الألبسة، ما يعني خسارة صادرات تتراوح بين 280 إلى 460 مليون دولار.

فالتـأثير لن يقتصر على الأرقام، بل سيطال حياة آلاف الأسر الأردنية ، ومن المتوقع أن يؤدي إلى فقد وظائف في قطاعي الألبسة والأدوية وهي القطاعات الأكثر عرضة للتضرر بحسب البيانات.

وبالنظر إلى أرقام الميزان التجاري ومقارنتها بالقرار الأمريكي الجديد فمن المرجح أن تنخفض الصادرات وتحدث خلل في الميزان وهذا سيفاقم العجز بنسب واضحة.

وهنا يتعين على الحكومة محاولة مواجهة هذا التحدي وهي أمام مسارات محدودة يتمثل أولها في إعادة التفاوض مع أميركا عبر تفعيل بنود اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين، والتي قد تتيح للأردن المطالبة باستثناء من هذه الرسوم كما حدث مع دول أخرى ، ومن ثم العمل على تطبيق خطة احتياطية في إعادة هيكلة القطاع الصناعي من خلال التركيز على منتجات هامش الربح فيها أعلى و قادرة على تحمل الضغوط الجمركية وتحقيق أرباح رغم ارتفاع الكلفة ، وتنويع الشركاء التجاريين بتعزيز الصادرات إلى أسواق بديلة كالاتحاد الأوروبي وكندا، حيث تحظى المنتجات الأردنية بإعفاءات جمركية.

فالرسوم الأميركية الجديدة تمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار الاقتصاد الوطني، ليس فقط من ناحية الأرقام، بل بما تحمله من تداعيات اجتماعية عميقة، فالأزمة رغم قسوتها قد تكون فرصة لإعادة هيكلة فرص الاقتصاد الأردني بطريقة أكثر توازنًا واستقلالية.