درعُ البلاد، وسُهُدُ الليالي تحيّة اعتزاز للقوّاتِ المسلحةِ والأجهزةِ الأمنية

نبض البلد -


حين نكتب عن الرجال الذين ما توانَوا يومًا عن نداءِ الواجب، ولا غَفَوا عن حدود الوطن، فإننا لا نكتب حروفًا، بل ننسج من الفخر رايةً تُرفع، ومن الكلماتِ جسرًا يصلنا إليهم… إلى أولئك الذين جعلوا من الولاء عقيدة، ومن التضحية طريقًا، لا يغيبون عن الوجدان، وإن غابت عنهم الأضواء.

نكتب لا لنصف، بل لنشهد… لا لنسرد، بل لنُجِلّ… فالكلمات، حين تتحدث عن النشامى، تتجمّل قبل أن تُقال.

نُدوّن اليوم شهادة اعتزازٍ وفخر بحق الأوفياء، الذين جُبلوا على البذل، ونشأوا على الثبات، وساروا على درب عنوانه: الوطن أولًا… والواجب دائمًا.

هم حماة الحمى، وسياج الوطن المتين، يقفون في وجه العواصف بشجاعة لا تخور، ويعانقون تراب الأرض كأنهم خُلقوا من طينته، ليصونوها بأرواحهم.
نشامى يحملون الوطن في صدورهم، ويذودون عنه بقلوبٍ تسبق البنادق ، يسهرون على الأمان، فتهدأ القلوب وتنام.

أقسموا على خدمة الوطن بأمانة وإخلاص، وأبرّوا بقَسَمهم، فكانوا في الميدان كما في المعسكرات، وفي المواقع كما في الوجدان. لا تغريهم المناصب، ولا تلهيهم الألقاب، لأن شرف الجندية والانتماء أسمى من كل حوافز الدنيا.

مهامهم وجهودهم وإنجازاتهم لما قدموه للوطن والأمة، لا تُحصر في سطور  أو صفحات .
ففي الميدان، هم العين الساهرة على الحدود، يحمون السيادة، ويذودون عن الكرامة، ويقفون سدًّا منيعًا في وجه الطامعين والحاقدين.
وفي ميادين الأمن الداخلي، هم الحصن الذي لا يُخترق، يحفظون النظام ويمنعون الجريمة ويتابعون كل ما من شأنه أن يُقلق السكينة العامة.

وفي الظروف الاستثنائية، تجدهم أول الواصلين، لا فرق عندهم بين الليل والنهار، ولا بين المهمات الصغرى والعظمى.
مهامهم كثيرة، لا يتسع المقام لحصرها، لكنها محفورة في ذاكرة كل من عاش أزمة أو احتاج إلى سند فوجدهم هناك.

وقد تجلّى وجههم الحضاري في التعامل المهني الرفيع مع المسيرات الشعبية المؤيدة لأهلنا في غزة، فكانوا، كما عهدهم الشرفاء ، أهل حكمةٍ ورؤية، يُقدّرون نبض الشارع، ويحتوون الحناجر الغاضبة بصدر من الحكمة واتزان القرار، في مشهد يؤكد أن الأمن لا يتعارض مع التعبير، بل يحميه ويرعاه.

هم درع الوطن إذا ادلهمت الخطوب، وسيفه إذا دعا الموقف، يحملون العزم في راياتهم، ويكتبون الانتماء بأفعالهم.
يتقدمون الصفوف عندما يتأخر الجميع، يجابهون الخطر بلا تردد، يتدربون بلا ملل، ويطوّرون أدواتهم ومعارفهم لتواكب التحديات المستجدة في عالم يزداد تعقيدًا.
ورغم طبيعة عملهم القاسية، يحملون قلوبًا عامرة بالرحمة، تفيض بالإنسانية، ويؤمنون أن الأمن ليس مجرد شعور، بل مسؤولية تُبنى على العدل، والاحترام، وسيادة القانون.

هم رمز الوحدة، وصورة الانتماء الخالص، يجمعهم الولاء لا النسب، وتوحّدهم الراية لا المسافات، ويكتبون كل يوم صفحة مشرقة في دفتر الأردن العظيم بقيادته وناسه.

غير أنه، وفي زمن باتت فيه المنابر مشرعة لكل من هبّ وتجرّأ، نسمع بين الفينة والأخرى أصواتًا نشازًا، تتطاول على هذه المؤسسات الوطنية، وتحاول عبثًا النيل من هيبتها، أو الانتقاص من جهود أبنائها الجبّارة.

فأي عقل مختلّ ذاك الذي يغمز من قناة الشرفاء، ويطعن في خاصرة البذل، ويقابل الوفاء بالنكران؟
وما قالوا إلا هراءً، وما رمَوا إلا حقدًا، وسيرتد باطلهم إلى نحورهم، لأن الحق أبلج، والرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

بئست تلك الفئة الضالّة التي تحاول النيل من صورة النشامى والنشميات؛ فهم ليسوا موضوعًا للنقاشات السطحية، بل ركيزة الوطن، ودرعه المنيع، ومنارات عزّه.

نرفع رؤوسنا فخرًا بهم، ونغرس في قلوب أبنائنا محبتهم، ليكبروا وهم يوقّرون وجوهًا سطّرت أسمى معاني العطاء والولاء. ونعلّمهم أن يذكروهم لا بالأسماء فحسب، بل بما حملوه من قيم الوفاء، وما جسّدوه من صفاء القلوب ونُبل القصد


نمضي معكم، أيها الشرفاء، ونشد على أياديكم… فأنتم درع الوطن وسيفه، وصوت الضمير، ورجال المواقف حين تَدلهمّ الخطوب.

بوركتم درع البلاد وصفوها
أنتم جدود العز في الأبناء

حفظ الله الوطن، وقائد الوطن، والشعب الأردني العظيم.

اللواء المتقاعد محمد بني فارس