إسرائيل ليست قدراً لا يرد.. صحوة العالم بولاية جديدة لفرانشيسكا ألبانيز

نبض البلد - في ظل مشاهد الدم وحرب الإبادة والتوحش التي لم تعرفها البشرية، تسكن في الشارع العربي تساؤلات (لمتى وما السبيل وهل إسرائيل قوة وقدر لا يرد)، وما هو مستقبل غزة المدمرة، ومع حالة اليأس تسر النفس ملامح الصحوة الدولية بقرار أممي يقضي بتمديد ولاية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيز كمقررة خاصة للأمم المتحدة معنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية لتبقى جاثمة بجرأتها على صدر دولة الاحتلال حتى عام 2028.
القرار الأممي، أثار موجة غضب في دولة الاحتلال ووصفته الأوساط السياسية الصهيونية بأنه يوم أسود وعار، وحاولت مراراً إلصاق التهم بها بمعاداة السامية، فالإيطالية التي تجري في عروقها قيم الحق والإنسانية والحرية، لم ترضخ لضغوطات دولة الاحتلال، وغير مرة قالت إن ما يجري في غزة ليس حرب، بل دمار ووحشية، وقالت بتوصيف دقيق إن الاعتداء على النظام الصحي في غزة يمثل «أشدّ أشكال السادية».
وعودة لسؤال إذا كانت إسرائيل قدراً لا مفر منه، فالجواب الذي يقوله التاريخ والمنطق: إسرائيل ليست قدراً لا يرد، فمن قبلها عاثت فساداً وبطشاً امبراطوريات وممالك وجيوش، من النمرود فالرومان فالفرس فالتتار فالمغول والقائمة تطول، ولكنها هزمت أمام مقصلة الشعوب.
والمصير ذاته آتٍ لا محالة لدولة احتلال لا تعرف سوى لغة الدم، وتراوغ اليوم بقرار وقف إطلاق النار وتستعلي وتستكبر، ومصابة بالغفلة التي تحجب عنها عواقب ارتقاء مئات آلاف الشهداء، والذين ستبقى أرواحهم والأجيال من بعدهم تطاردها وستدركها لعنة الحق التي تتولد من أشلاء الأطفال وترويع النساء وتشريد السكان وتجريف الأرض، مثلما ستبقى الإصابات والتشوهات التي تركتها آلة الحرب في أجساد الأبرياء وأطفالهم ماثلة ليستردوا ثأرهم وأرضهم، فما هو الأمن الذي تنتظره دولة محتلة وسط هذا المحيط، سوى أنها تحفر هزيمتها بيدها وإن طال الزمن.
ولكن في ظل ما يجري على الأرض المحاطة بحالة اليأس واللجوء للدعاء على حساب الفعل، جراء توحش نتنياهو وجيشه المدعوم بالسلاح والقرار الأمريكي وما تطاله أيضاً يده الآثمة من أراضٍ سورية، تعلو في الساحة المحلية بالمجمل أصوات واعية تسعى لتحصين الأردن من أي تداعيات وبقائه قلعة صامدة في وجه مخططات إسرائيل مثلما بقيت حصينة أمام مشاريع إيران التي توقفت وتكسرت عند حدود الأرض والعقل الأردني، وتسعى الأصوات الواعية كذلك للحفاظ على مصالح الدولة، فقوتها تعني قوة لفلسطين، وإسناد وتثبيت سكانها على أرضهم ووقف الحرب، وهو ما يتجلى في لقاءات الملك الأخيرة بجولته الأوروبية استكمالاً لموقف وجهد صريح لا يحتمل التأويل ولا يختلف في المفتوح والمغلق.
في المقابل تظهر أصوات مدفوعة أو جاهلة، لكنها في النهاية تؤدي لذات النتيجة التي لا نريدها ولن يسمح بها الأردنيون في خلخلة صفهم والتشكيك بجيشهم ومؤسساتهم، فمن يغمز من قناة الجيش الأردني، آثم وناكر ولا يخدم سوى أجندة ومشروع دولة الاحتلال مدركاً كان أم قاصراً لمآلات ذلك، وعندما يتعلق الأمر بالجيش ووحدة الصف والحفاظ على الأمن الوطني لا مجال للحياد وعلى الجميع أن يلجموا كل أصوات الخراب، فالأردن ليس ساحة للتجارب والاختبارات والمزايدات والمراهقات التي تعتقد أن الأوطان تقاد بالعواطف والترند والسباب والشتم والتخوين.