نبض البلد -
#الدكتور_نبيل_الكوفحي
…
ارتباط المكان والإنسان ارتباط مطلق، يترتب عليه حقوق وواجبات. جعله الإسلام من القضايا التي وضع لها قواعد وحدود. جاء ذكر أصول الحقوق وتشريعها في القران الكريم في الاية ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ )، حيث جعلها من صميم المعاملات المطلوبة وربطها بآية استهلت بالعبادة لعظيم امرها.
في اداب الجوار وردت احاديث كثيرة منها قوله - صلى الله عليه وسلم - :( أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما). ومنها ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه). وجاءت احاديث تحدد بعض الحقوق كالإكرام وعدم الإيذاء؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم - ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره " وقوله ( لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه).
مما جاء في حق الجار: أن يبدأو بالسلام، ويزوره في المرض ، ويعزيه في المصيبة، ويهنئه في الفرح ويشاركه فيه، ويصفح عن زلاته ، ولا يطلع من السطح إلى عوراته، ولا يضيق طريقه إلى الدار، ويستر ما ينكشف له من عوراته، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ويغض بصره عن حرمته ، ولا يديم النظر إلى خادمته ويحسن لولده في كلمته. ولا تقف الحقوق على ما ذكرنا فقط.
تقوم البلديات في تنظيم علاقات الجوار بالقانون؛ فمن تنظيم نشاط البناء في وجود الارتدادات ونسب البناء بحسب احكام التنظيم، وهي متلفة بمسافة الفضاء بين البنائين ( التهوية) وتحديد طبيعة الاستخدامات المختلفة ( كالسكري والتجاري والحرفي) التي تتشابه فيما بينها ، ومنع بعضها خاصة تلك التي تحدث ضررا او إقلاقا للراحة وتداخل التجاري او الحرفي على السكن. وحتى حقوق الاستخدام للمنافع المشتركة في البنايات كالمداخل والادراج والأسطح وغيرها، كما الحال في الأسواق. ونظمت ذلك تشريعات ناظمة تحدد صور الحدود المختلفة واشكال تعاون الجيران فيما بينهم، فتطور الأمر من تعاون طوعي إلى تعاون إلزامي لتحقيق بعض الضرورات المجتمعية في تنظيم العلاقات المكانية. ولا يمكن لها ان تقوم بواجباتها إلا بالتزام الأنظمة والقوانين والتشريعات الناظمة لجوارهم.
تستقبل البلدية شكاوى متعددة يوميا تتمثل في عدم احترام الجيران لهذه الحقوق التي نظمتها القوانين؛ من اعتداء البناء على الارتداد الجانبي ورمي الأنقاض والقاذورات، والاستئثار بالمنافع الخدمات المشتركة بل والبناء في سعة ارض المجاور، وتربية الحيوانات في البيوت وعدم التعاون في أعمال الصيانة للبناية السكنية، ومشاكل الإزعاج المتكرر وغيرها. تجتهد البلديات بحل هذه المشاكل وديا اولا ومن ثم تطبيق القانون بشكل عادل.
في المقابل تشهد بعض الاحياء حالات تعاون ايجابية بين الجيران لتنظيم العلاقات وحل الخلافات وكثير منها منطبقها مسجد الحي، وتمثل نماذج يمكن الاقتداء بها للآخرين.
ما احوجنا لاحترام الجوار من الجميع والتعاون على البر والتقوى لتحقيق المقصود من الصيام، سئل الرسول
صلى الله عليه وسلم ( إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها ) فقال (هي في النار ).
وتقبل الله صيامكم وحفظ حقوق الجوار في كل أشكالها وتعاونكم على كل اعمال الخير.