نبض البلد - حناتله: 90 حالة إصابة إيدز لأردنيين خلال العام الماضي
القرالة: مصابو الإيدز لا يُطبَّق عليهم حبس المدين
الأنباط - كارمن أيمن
طالب الخبراء برفع مستوى التوعية تجاه مرض الإيدز، بالإضافة إلى تخصيص أقسام معنية بالمرضى واستحداث مراكز صحيّة لمعالجتهم.
وفي ظل استمرار تسجيل حالات إصابة في المملكة، تستمر التحديات القائمة بعدّة مستويات، فعلى الصعيد الاجتماعي والثقافي، يرتبط المرض بوصمة العار، إذ يُنظر للمصاب بتحيُّز وإقصاء وتهميش نتيجة قيامه بممارسات مرفوضة اجتماعيًّا.
خبير مرض الإيدز ومدير مركز سواعد التغيير عبدالله حناتله أكد وجود ارتفاع ملحوظ في حالة الإصابة بفايروس نقص المناعة البشري "HIV” المُسبِّب للإيدز، خاصَّة في السنوات الأخيرة إذ سجَّل الأردن ما يُقارب الـ90 حالة إصابة لأُردنيين خلال العام الماضي، على الرُّغم من اعتبار الأردن من الدول ذات معدَّلات الانتشار المنخفضة بـنسبة تقل عن 0.02%.
وأشار إلى أنَّ زيادة أعداد حالات الإصابة تعود لزيادة الوعي والفحص من قِبَل الأفراد وزيادة الرصد من قِبَل وزارة الصحّة والحكومة، إضافةً إلى زيادة عوامل التعرُّض للخطر والانفتاح الاجتماعي الذي يشهده الأردن في الآونة الأخيرة، لافتًا إلى أنَّ فئة الشباب هي أكثر الفئات إصابةً وتحديدًا في سن ما بين 19-39.
وأضاف أنَّه على الرغم من زيادة الإقبال على الفحص المُبكِّر للمرض إلَّا أنًّ النسبة لاتزال قليلة، منوِّهًا على أنَّ الجهود التوعوية والتثقيفية المطلوبة من الجهات المعنية "ينتابها القصور"، إذ أنَّه من الضروري تحسين الخطط وزيادة الأنشطة لتقديم التوعية اللّازمة.
وتابع حناتله خلال حديثه "لـلأنباط" أنَّ المصابين يواجهون تحدّياتٍ صعبة بعدّة مستويات، فعلى الصعيد الاجتماعي والثقافي، يرتبط المرض بوصمة العار، إذ يُنظر لهم بتحيُّز وإقصاء وتهميش نتيجة قيامهم بممارسات مرفوضة اجتماعيًّا.
أمَّا على الصعيد الحقوقي، فإنَّهم يُعانون من تلقّي الخدمات بمستوياتٍ متدنيّة وبطريقة تُنتهك فيها كرامتهم، فلا يتمتَّعون بحقوق التعلُّم أو العمل، حيث يتم فصلهم تعسُّفيًّا إذا عُرف عن إصابتهم بالمرض، مضيفًا أنَّ الحكومة لازالت تشترط إجراء فحص "HIV” للأفراد الحاصلين على العمل أو المُبتعثين للدراسة وتضمينها كأحد الشروط للقبول.
وأكَّد أنَّ بعض الأطباء يتعاملون مع مرضى الإيدز بطرقٍ غير مبنية على أُسس علمية أو أخلاقية أو حقوقية، داعيًا إلى ضرورة النظر لفايروس "نقص المناعة البشري" كبقيّة الفايروسات لأنَّه "قابل للعلاج" ولا يُشكِّل خطورة على حياة الأفراد، لاسيَّما أنَّ بعد التزامهم في تلقّي العلاج يصبح الفرد غير ناقل للعدوى وقادرًا على ممارسة حياته الطبيعية كما يجب.
وأشاد حناتله بدور وزارة الصّحة بتقديمها أفضل العلاجات على مستوى العالم، إذ يتلقّى المريض الدواء يوميًّا حتَّى يُصبح المرض غير مُكتشف أو مرئي لدى الأفراد فبالتالي يُصبح غير مُعدٍ للآخرين، مُختَتِمًا حديثه بأنَّ إقليم الشرق المتوسط قد يكون الإقليم الوحيد الذي تكثُر فيه أعداد الإصابات مٌقارنةً بمعظم أقاليم العالم التي تنخفض فيها حالات الإصابة.
وفي ظل انتهاك الحقوق الواضح لمرضى الإيدز، فقد أشار المحامي النظامي سفيان القرالة إلى أنَّ التشريع لا يُميِّز بين نسيج وأفراد المجتمع من منطلق القانون الأردني "الأردنيين أمام القانون سواء"، لكن في الوقت ذاته لم يُخصَّص لهم أنظمة أو تشريعات مُعيَّنة لتُغطّيهم في مظلّة القانون ليكونوا جهة استثنائيّة مُستفيدة في ظل وجود هذا الألم الذي يعيشونه.
وأضاف أنَّ مرض الإيدز يُعدّ من "أمراض الموت"، ما يعني أنَّهم مستثنيين ولا يُطبَّق عليهم حبس المدين أو الحبس نتيجة القيام بجريمة مُعيَّنة، ففي بعض الحالات قد يقضي المريض عقوبته في المستشفى أو في مركز رعاية صحية ما، فـهو "مُكتسب للحقوق وليس فاقدًا لها"، بحسب قوله.
وتابع خلال حديثه "لـلأنباط" أنَّه على الرغم من عدم وجود قوانين ناظمة مُتعلِّقة بالمرضى إلَّا أنَّه في حالة انتهاك حقوقهم أو حريّاتهم، فإنَّ وزير الصّحّة يُصدر تعليمات باستثناء القائمين على ذلك من تلقّيهم الرعاية الصحيّة الشاملة بالتأمين أو في شمولهم لعدّة حالات طبية تُغطّيهم وتُغطّي الكُلف العلاجية والصحية.
ولفت إلى افتقار المستشفيات لـوجود أقسام مُخصَّصة لمرضى الإيدز أو لـوجود تأمين صحّي خاص لهم كما هو موجود لدى مرضى السّرطان، وقد يكون "مُمنهجًا ومُسيَّسًا" ليبقى المرض منبوذًا ومكروهًا، وعلى نقيض ذلك فإنَّ وجود مَظلّة تأمينية واستحداث نظام رعاية صحية مُخصَّصة لهم قد تنعكس سلبًا على المجتمع من مُنطلق ألَّا ينتشر وليكون رادِعًا للإنسان.
في السياق، تواصلت الأنباط مع مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصّحة إلَّا أنَّه رفض التصّريح حول الموضوع، مُطالبًا بكتاب رسمي من المؤسَّسة، للحصول على موافقة خطية من وزير الصحة.
يُذكر أنَّ آخر الإحصائيات الصادرة في نهاية عام 2023 أشارت إلى أنَّ العدد التراكمي للمصابين بفيروس الإيدز في الأردن بلغ 628 حالة بنسبة 22% للأعمار ما بين 15-22، و9% بين الإناث بحسب مُمثِّل صندوق الأمم المُتَّحِدة للسُّكَّان في الأردن، حمير عبد الغني.
وعلى الصعيدٍ العالميّ، فقد أدَّى الفايروس إلى وفاة أكثر من 40 مليون شخص حتَّى منتصف عام 2023، إذ سجَّل ما يقارب 4 ملايين إصابة جديدة، نصفها من النساء والفتيات، مُبيّنًا أنَّه بالرغم من الانخفاض العالمي للإصابات بنسبة 39% منذ 2010، إلَّا أنَّه وفي الفترة ذاتها شهد ارتفاعًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 116 بالمئة، ما يعكس الحاجة المُلحِّة لتحسين برامج الاستجابة والوقاية منها.