نبض البلد - بهدوء
عمر كلاب
ليس بحكم عبورهما المسارات بطريقة مباغتة أو مخالفة, لتميمة الحظ الأردنية المقرونة بالمصاهرة والمطبخ, أرى من المناسب الكتابة عنهما, فهما يتشاركان في القامة الطويلة, ولا يتشاركان في طبائع الأعمال, فالفروق واضحة بين الطب والاقتصاد, وإن كان كل منهما يسند الإنسان, ولا أظن كائنًا يحتاج إلى طبابة, صحية واقتصادية أكثر من الإنسان الأردني, الذي أعياه الترقب وانتظار الخروج من عنق الزجاجة, والانتهاء من زمن المعلبات غير الصحية, وبروتين البولوبيف.
مهند شحادة ونذير عبيدات, هكذا من دون ألقاب ورُتب, كل منهما يجلس على ثغر من ثغور الوطن, وكل منهما بادر وثابر, وتلقى نصيبه من السهام وطعنات الخناجر والرماح, وما يليق من مهابة واحترام أيضًا, لكن موسم الذبح الوطني, مثل موسم الصيد عند الهنود الحُمر, يختار أمهر صياد للتضحية به, كي ينفك النحس وينزل المطر ويحلو الصيد, فثمة نشاط في الجامعة, قرأته ثُلة من محبي النكايات والحرائق السياسية, بشكل تأليب على نذير الشخص والمنصب, وكأنهم يستعجلون موسم الصيد على الطريقة الهندية, فيريدون ذبح أحد أمهر صيادينا.
لم يلتفت أحد لحجم التقدم الذي طال الجامعة الأردنية, أم الجامعات, ولم نقرأ غيلة وقهرًا, مقدار القفزة النوعية التي طال ترتيبها العالمي, بل لم نقرأ أن الجامعة حققت الكثير من النشاطات التي اجتازت المحلية إلى العالمية, حتى نتوقف عند نشاط له لون سياسي, موجود ومتوفر في أسواقنا السياسية بشكل يستدعي التنزيلات لكثرة العرض, وتم القفز عن شهادة بوريل الفخرية, والاحتفاء بالمغناة الوطنية في عيد ميلاد الملك, ومؤخرًا حفل الكرامة المهيب, فهل هذه كلها, سنابل يابسة؟ عجيب منطق من يدعون الانتساب إلى نادي النخبة؟
ربما لا يقل الحال على قاطع الاقتصاد, ورئيس الفريق مهند شحادة, الذي نجح في قطع مسافات واضحة, نحو تهداة الاحتقانات الاقتصادية, وتبريد الأوجاع المعيشية على المواطن, وإزالة الألغام من طريق الاستثمار, ومؤخرًا نجاح الحكومة, في توفير قناة محلية آمنة لدعم القطاعات التي تألمت من وقف المساعدات الإنمائية الأمريكية, ومع ذلك ثمة من يحاول, الانتقاص من حق الرجل, بل وتكسير مجاديفه شعبيًا, بأن الحال كما هو ولا سبيل إلا جيب المواطن, رغم أن أي ضريبة أو رسوم لما يطالهما الرفع.
ميزة شحادة, أنه لا يبكي, ولا يستدر الدموع مثل كثيرين, فهو من صنف عنيد, يؤمن بأن الموقع والموقف, يحتاجان إلى حرب نخوضها أو نهلك دونها, لذلك لا يلجأ إلى لطميات ولطامين, ولا يستهدف استجلاب عطف من تفصيلة أو مواجهة استهداف بما يشبه الفتنة, هو يمضي بوقار شديد نحو أهدافه, مستخدمًا كل ممكناته, ودون ضجيج أو استعلائية على الأردنيين بأنه حمى اقتصادهم أو من غير ذلك من مفردات التبجح الاقتصادي.
نذير ومهند, لن يكسرا المألوف البشري بالخلود في الموقع, لكنهما على الأقل عبرا المواقع, بشرف الانضباط, وشرف المحاولة غير الآثمة, التي اجتهدت فإن أصابت فلها أجران وإن أخطأت فلها أجر, لأن مدخلات قرارهما أردنية صرفة, ومعجونة بتراب من تربة هذا الوطن وبماء القيسوم والزعتر.