يارا بادوسي تكتب : الموسم السياحي.. ما فائدة النهر إن لم تروِ به الأراضي العطشى؟

نبض البلد -

يارا بادوسي

تتكرر الأزمة السنوية في القطاع السياحي في كل عام مع اقتراب موسم الأعياد والعطل الرسمية، ويزداد الطلب بشكل هائل على مناطق محددة مثل البحر الميت والعقبة، ما يؤدي إلى إحداث اكتظاظ في الفنادق وارتفاع الأسعار، وفي بعض الأحيان تراجع جودة الخدمات نتيجة الضغط الهائل عليها وتصل معظم الفنادق في مناطق الارتكاز السياحي مثل العقبة والبحر الميت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى مع امتلاء الحجوزات قبل أسابيع من العيد.

فالأردن مليء وغني بالمواقع السياحية مثل حمامات ماعين و البترا ووادي رم إلا أن العقبة والبحر الميت تستحوذان على الحصة الأكبر من الزوار، خاصة خلال المواسم والأعياد، ما يسبب حالة من التكدس التي تنعكس سلبًا على هذه المناطق وتحرمها من المساهمة في النشاط الاقتصادي السياحي.

وفكرة وجود مناطق سياحية وعدم استغلالها تعتبر بحد ذاتها أزمة سياحية لأن هذا يحجب مشاركة تلك المناطق بالدخل السياحي، ولا يكفي أن نقول فقط أن الأردن يملك مناطق سياحية متنوعة وهذه المناطق موضوعة على الرف في الأوقات التي يكون الموسم السياحي فيه مشتعلًا، "فالكنز الذي لا يستخرج يبقى مجرد تراب"، ولا بد من محاولة تجاوز هذه الأزمة المتكررة وإنشاء جهة مختصة بإدارة توزيع الزوار خلال المواسم السياحية، لتخفيف الضغط عن العقبة والبحر الميت من خلال استراتيجيات عملية تشمل تنظيم فعاليات في المناطق البديلة خلال الموسم، كالحفلات الموسيقية والفعاليات الثقافية والعائلية، وأسواق محلية لجذب الزوار، مع توفير عروض سياحية جذابة تشمل إقامة ونقل بأسعار تنافسية.

ولا بد من التركيز على التسويق للمناطق الأقل اكتظاظًا، مثل تسليط الضوء على حمامات ماعين كوجهة للاسترخاء والعلاج الطبيعي، والترويج للبترا كمدينة تجمع بين التاريخ والأنشطة الثقافية، خاصة خلال المواسم والأعياد وتطوير وسائل نقل حديثة ومريحة تربط المناطق السياحية بكافة المحافظات ما يسهل على العائلات والزوار التنقل واكتشاف أماكن جديدة، إضافة إلى توفير بنية تحتية قوية وخدمات سياحية متكاملة في المناطق البديلة لجذب السياح، مع التركيز على توفير خيارات إقامة ومطاعم تناسب مختلف الميزانيات.

فيمكن لهذه الإجراءات أن تسهم في تقديم حلول سريعة لتخفيف التكدس الحالي، وتحفيز الزوار لاستكشاف وجهات جديدة بعيدًا عن الازدحام وتساعد على توزيع العوائد الاقتصادية بشكل أكثر عدلًا على مختلف المناطق، وتعزيز تجارب سياحية جديدة للزوار.

فهكذا يمكن الاستفادة من التنوع السياحي ليصبح الأردن وجهة متكاملة تلبي احتياجات كافة الزوار وتساهم في تنمية اقتصادية مستدامة.