نبض البلد - د. حازم قشوع
كما فعل الرئيس ابو مازن باستراتيجية عدم الرد ... رد بالضفة والقدس، هاهى حماس وفصائل المقاومة في غزة تاخذ نفس الاستراتيجية ولا تقوم بالرد على آله الجيش الاسرائيلية بسياسة عدم الرد، حتى لا تعطى نتنياهو شرعية الدخول فى اجتياح قطاع غزة من جديد ملتزمه بذلك بقواعد الاشتباك التي فرضتها الهدنة، وهو ما يدلل بشكل واضح ان المقاومة الفلسطينية أصبحت موحدة في التصدي للعدوان الاسرائيلي وذلك وفق سياسة تقوم على "عدم الرد ... رد"، لحين بيان اللحظه المناسبه الميدانية للدفاع المشروع أو بالوصول إلى جملة تعاطي سياسية يمكنها ان تعيد خلط الأوراق من جديد.
بعد المعادلات القطبية التي حاول فيها ترامب مقايضة بوتين بمعادلة استبدال، بحيث تستبدل فيها الأراضي الفلسطينية بالأراضي الأوكرانية فى ميزان معادلة تبادل النفوذ القطبية القائمة على " روسية اوديسا واوكرانية زابوريجيا مقابل إسرائيل في غزة "، الا ان معادلة المقايضة هذه تحفظت عليها موسكو بشكل مانع بعد انتهاء المكالمة، وكان الخيار استبدال حركة فتح في الحكم مكان حركة حماس في المحصلة على حد وصف متابعين، وهذا ما يضع جملة فاصلة في هذا المقام فى حال تم إقرار ذلك أمريكيا (اسرائيليا) لإعادة بناء قوام فلسطيني مقبول قطبيا ومؤيد عربيا وغير ممانع عليه اسرائيليا، ليعمل كشريك فى حفظ الأمن ونبذ التطرف ومواجهة الإرهاب وهى القاعدة الأمنية التى يجرى الالتزام بها فلسطينيا في المستويات الرسمية.
وعلى الرغم من تصريحات كاتس الاستفزازية تجاه سيطرة القوات الإسرائيلية على شمال القطاع واستكمال السيطرة على الجانب الآخر من فاصل نتساريم بين شطري القطاع، إلا أن هذه التصريحات مازالت غير مفيدة على اعتبارها غير منسجمة مع ما يتم بلورته في الدوائر القطبية لصنع القرار كما فى الاطر الجيوسياسية الإقليمية، وهذا ما يجعل من القوام الميداني غير متناسق مع الأرضية التي مازالت فيها اسرائيل تمارس ذات السياسات التى كانت عليه الحال قبل مكالمة بوتين ترامب القطبية التى استمرت لأكثر من 150 دقيقة ومازالت توصياتها يجرى إعداد آليات تنفيذها بالتعاون الاستخبارى والدبلوماسي بين الجانبين وفق آليات عمل يتم تقديمها للاطراف المتداخلة ومن ثم للأطراف المشاركة في الصياغات القادمة، والى ذلك الحين فإن عملية ترتيبات فى البيت الداخلي يراد تنفيذها جملة بعد جملة لضمان برنامج تنفيذ متوافق عليه حتى بالتفاصيل.
صحيح أن الرئيس ترامب تحدث عن تحديد مصير الضفة الغربية خلال اربعة اسابيع مقابل الاستحواذ الامريكي على قطاع غزة كما قدم نفسه باعتباره رجل سلم وسلام، لكن ما هو صحيح ايضا ان الرئيس ترامب غير قادر بالإيفاء بالتزاماته في ظل عدم وجود شركاء له لتمكين إسرائيل بضم الضفة الغربية، ولا بالاستحواذ الأمريكي على قطاع غزة ولا حتى بفرض سياساته دون استخدام آلة الحرب الأمريكية.
وهذا ما جعل البعض يتسائل بصيغة الاستنكار عن جديد ترامب في السياسة الخارجية تجاه إسرائيل، لتكون الاجابة ان محيط اسرائيل هو شأن اسرائيلي وما تقوم به إسرائيل تلزم أمريكا بالدعم والاسناد وفى كل مناطق نفوذها، بالجنوب السوري كما فى جنوب الليطاني والأمر ذاته ينطبق على الضفة والقدس والقطاع، فأينما وصلت الحربه الإسرائيلية كانت حدود حكومة تل أبيب وبيان نفوذها وهي المعادلة التي لا تعارضها امريكا، وان كانت تواجه تحفظات أممية وقطبيه روسيه ومقاومة فلسطينية أخذت ترسم صوره مقاومة جديدة عنوانها عدم الرد ... رد.
فان اتباع سياسة عدم الرد ... رد لن تعطي حكومة نتنياهو وبن غافيير أية ذريعة تجعلها قادرة على تنفيذ سياساتها واجنداتها بالضم والتهجير، وهي سياسة برغماتيه صحيحة في ظل التوازنات الدولية والإقليمية التي لا تخدم ظروف القضية الفلسطينية لا بروافعها السياسية ولا بحواضنها العربية التي اكتفت بالدور الانساني بعد ان فقد النظام العربي ثقله الجيوسياسي وحضوره السياسي، وهذا ما جعل من سياسة عدم الرد ... رد سياسة موحدة حتى لا يدفع الشعب الفلسطيني اثمان خارج عن موازين القوى فإن عدم الرد ... رد