القتل في الساحل السوري والفتوى من عمان

نبض البلد -

بهدوء

عمر كلاب

لا أدري إن كانت ثقافة وسلوك بالون الاختبار, التي أنتجها الشهيد ياسر عرفات, هي ابتكاره الشخصي, أم وراثة من جماعة الإخوان المسلمين التي نشأ وترعرع في كنفها, هو ومعظم أعضاء قيادة فتح التاريخيين,فمنذ وقت قريب , أعادت الجماعة بنسختيها الأردنية والفلسطينية, ظاهرة بالونات الاختبار, تارة على لسان موسى أبو مرزوق , في حوار مع الإعلام الأمريكي, وثانيها على لسان متحمس أردني, عاش على هامش الحياة البرلمانية الإخوانية كسكرتير, بإعادة إنتاج فتوى تُبيح قتل أهل الساحل السوري, من أبناء الطائفة العلوية.

التسريبات من طرفي النهر المقدس, تحمل في ثناياها لغة حاولت الجماعة نفيها, طوال عقود, وهي لغة المساومة السياسية, وتطويع النص الديني لخدمة أغراضها, في محاولة لاستمالة بسطاء الشارع العربي عمومًا, والفلسطيني والأردني على وجه الخصوص, فالتسريبة الأولى, والتي تلتها تسريبات, عن حوارات الدوحة مع الجانب الأمريكي, تكشف الكثير من التنازلات إذا صحت تلك التسريبات, التي لم يتم نفيها حتى اللحظة, وتكشف أن الحركة في طريقها لنمط جديد أو متجدد من أوسلو, تحفظ للحركة وجودها السياسي في غزة.

شرق النهر, برر الناشط الإخواني, مجزرة الساحل السوري ضد المدنيين, وقام بنشر فتوى منسوبة حسب منشوره " لمفتي الشام, العلامة العمادي الحنفي, عن الباطنية الذين في الساحل السوري, عندما تجمعوا وتحصنوا وأعدوا الشوكة والنكاية بالمسلمين: -لا يجوز لولاة الأمر تركهم أبدًا, ويكون قتيلهم مخلدًا في نار الجحيم, وقتيل محاربيهم شهيدًا في جنات النعيم, ومن أمر بإزالتهم من ولاة الأمور: فهو مثاب مأجور..." إلى آخر الفتوى التي تمنح السعادة وأكمل الأجور لمن يقتل وينكل بأهل الساحل, لما في ذلك من إعزاز للإسلام, ويختم الناشط تعليقه على الفتوى, فهنيئًا لمن يكرمه الله بذلك.

والملفت الواجب طرحه هنا, كيف ولماذا نقوم بالتبرير لحادثة جرت خارج الأردن, وفي دولة شقيقة نحتضن نحن مؤتمرًا لإسنادها, وكيف نبرر إعدام الناس ميدانيًا, لمجرد أنهم من طائفة ما أو ينتمون إلى دين ما, أليس هذا فتنة بحد ذاته, وبنية عقل, تحمل كل شتلات وأشجار -لا بذور - التطرف والإرهاب, ومن حقنا أن نسأل هذه الجماعة وحزبها, عن مدى نفوذ هذا العقل في بنيتها الحزبية والإخوانية, ومدى تنشئة عقول شبابها على هذا الفقه وهذه الفتاوى, التي يمكن أن تصل إلى فتوى إعلان الجهاد ضد العلويين في سورية.

وسياسيًا من حقنا أن نسأل, طرفي الاخونة على النهر المقدس, هل تجوز كل هذه النعومة مع العدو الصهيوني, مقابل كل هذه الدموية مع الطائفة العلوية؟ وهل بات أهل الساحل عى اختلاف تلاوينهم المذهبية والدينية خطرًا يفوق الخطر الصهيوني؟ علينا أن نقلق من هذا العقل الدموي, وأن نقلق أكثر على مستقبلنا السياسي والفكري في وجود هكذا عقول تحاول تزييف وعي المجتمعات بالدم والسواد.

omarkallab@yahoo.com