نبض البلد - مهند أبو فلاح
يقض كابوس تقسيم سورية إلى كانتونات طائفية أو عرقية مضاجع المخلصين من أبناء هذا القطر العربي الاصيل على خلفية الاشتباكات المسلحة العنيفة و الدامية التي جرت مؤخرا في المناطق الساحلية الواقعة شمال غربي البلاد بين القوات النظامية من جهة و العناصر المسلحة التابعة لفلول النظام الأسدي المخلوع .
الاشتباكات العنيفة التي أودت بحياة مئات الأشخاص من كلا الجانبين و ذهب ضحيتها العديد من المدنيين الأبرياء الذين لا ناقة لهم و لا جمل فيما حدث سوى تواجدهم في مسرح العمليات الحربية وسط مزاعم و ادعاءات عن انتهاكات واسعة النطاق بحق هؤلاء الأشخاص المسالمين في مجملهم غذت المخاوف من امتداد الصراع تدريجيا إلى مناطق أخرى في جنوب شرق البلاد كالسويداء " جبل العرب " التي يقطنها مواطنون من الطائفة الدرزية و شمال شرق البلاد و تحديدا في أقاصي الجزيرة الفراتية حيث مازالت الميلشيات الكردية الانفصالية المعروفة اختصارا بقسد تبسط سيطرتها على منابع النفط البالغة الحيوية .
تعدد مكامن الخطر على أمن و استقرار سورية و الخشية من تقسيمها و خروج الأوضاع الأمنية فيها عن نطاق السيطرة دفع الاردن و دول الجوار السوري إلى عقد لقاء أمني و سياسي تشاوري على مستوى رفيع لبحث التطورات و التداعيات المحتملة بمشاركة الإدارة الحكومية السورية الجديدة لتقديم يد العون و المساعدة لحكام دمشق الجدد من أجل ضبط الامور و إعادة المياه إلى مجاريها و تهدئة المخاوف المشروعة لدى دول الجوار السوري .
إعادة المياه إلى مجاريها و تهدئة الأوضاع الأمنية في القطر العربي السوري تبدو مصلحة مشتركة للعديد من الدول الإقليمية الفاعلة و المؤثرة في المشهد السياسي السوري لكن يبدو أن حكام تل أبيب لا يشاطرونهم ذات الشعور فالكيان الصهيوني ليس معنيا بأمن و استقرار سورية بقدر حرصه على إضعاف سلطة الحكومة المركزية الجديدة في دمشق و الحيلولة دون قيام دولة قوية قادرة على مطالبة الدويلة العبرية المسخ بإعادة هضبة الجولان السورية المحتلة منذ العام 1967 و التي تشكل قلب بلاد الشام من الناحية الجغرافية .
قطع الطريق على مطامع حكام تل أبيب و خططهم الجهنمية الرامية إلى تغذية الانقسام داخل المجتمع السوري هو غاية نبيلة يجب أن تسعى إليها جاهدة كافة دول الجوار السوري بدون استثناء لتفويت الفرصة على أولئك الصهاينة المجرمين الساعين إلى استغلال الموقف و تشجيع النزعات الانفصالية داخل الشقيقة العزيزة سورية قلب العروبة النابض ، و في هذا السياق و الاطار يمكن النظر إلى التحرك الأردني الرسمي الفاعل و المؤثر من أجل مصلحة أمتنا العربية المجيدة و مصلحة اشقائنا في كافة ربوع القطر السوري .