حسين الجغبير يكتب : سورية وصراع الأقطاب المتعددة

نبض البلد - حسين الجغبير

انتهى اجتماع سورية ودول الجوار في عمان أمس بالتأكيد على أن أمنها واستقرارها هو أمن سورية، وعلى محاربة تهريب المخدرات من سوريا، معلنين موقفًا موحدًا في محاربة الإرهاب خصوصًا داعش، وإسناد سوريا ودعمها في جهود إعادة البناء، فيما وصفه وزير الخارجية التركي بأنه اجتماع تاريخي.
يأتي هذا الاجتماع على بعد أيام قليلة من أحداث الساحل السوري، التي عكست أن الوضع في الجارة الشمالية يحتاج اليوم أكثر من أي وقت إلى موقف موحد تجاه دعمها سياسيًا وأمنيًا وصولًا إلى حالة الاستقرار المرجوة للدولة التي تعاني منذ نحو ١٤ عامًا من حربٍ أهلية أقدم فيها النظام السابق على سفك الدماء بلا هوادة.

لا يُخفى على أحد أن هناك أطراف أخرى في المعادلة السورية لن تكن أو تمل قبل أن ترى سورية ممزقة إلى دويلات أو ينهشها الصراع الطائفي، فإيران لن تنسى خروجها المذل، فيما دولة الاحتلال تسعى إلى السيطرة الكاملة على منطقة الجنوب، في حين أميركا تخدم المشروع الكردي والدرزي. أي أن الموقف العربي ليس وحده من يسعى إلى لعب دور حقيقي باتجاه استقرار سورية، حيث الأطراف الأخرى تشكل رياح عاتية كي لا يحدث ذلك.
وهذا ما أكد عليه المجتمعون في عمان بقولهم أن التدخل الأجنبي يفاقم المشاكل وعلى دولنا العمل على حل مشكلاتها فيما بينها، مجددين رفضهم للسياسات التوسعية للكيان الصهيوني في المنطقة، مع أهمية أن يبقى جميع مكونات الشعب السوري بعيدًا عن إذكاء النعرات.

يدرك العرب صعوبة المهمة، وكذلك النظام الحالي الذي يقود سورية، التي في طريقها إلى تشكيل حكومة جديدة نرجو أن يتم التوافق عليها لتكون انطلاقة لعملية سياسية جامعة، وعدم تكرار التجربة اللبنانية في هذا السياق. ولن يتردد العرب في تقديم كل أشكال الدعم لدمشق وصولًا لهذه الغاية.
لا يمكن السماح لأن تعود سورية إلى نقطة الصفر، كالعراق، حيث تتصارع الدول عليها، فليس من مصلحة العرب وتحديدًا دول الجوار أن تبقى الجارة تعيش في فوضى، لما في ذلك من تداعيات أمنية كتهريب السلاح والمخدرات، والإرهاب، أو سياسية واقتصادية.
لا بد من حوار عربي غربي جاد، عنوانه موقف عربي جاد وموحد لا تنازل فيه عن سورية المستقرة الآمنة، عبر دعمها وانسحاب دولة الاحتلال من الأراضي التي احتلتها في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد.